خلال أمسية ببيت الشعر بالشارقة قصائد الشعراء: عبيد والنسر والفاتح تمعن بقضايا الذات وهموم الإنسان

 


عمان –  عمر أبو الهيجاء

 

بعد أن اختتم فعاليات مهرجان الشارقة للشعر العربي في دورته الــ 20، وضمن فعاليات منتدى الثلاثاء، نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية مساء  يوم أمس، شارك فيها الشعراء: أحمد محمد عبيد، و د. مرام النسر، وعبدالرحمن الفاتح، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت، وقدمها الإعلامي محمود شردي، الذي قال: أتوجه في البداية  بأسمى آيات الشكر والعرفان إلـى راعي الثقافة صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والشكر موصول إلـى دائرة الثقافة بالشارقة والقائمين عليها، وإلى بيت الشعر ومديره الشاعر المبدع محمد عبدالله البريكي، مشيراُ إلى  أن الأمسية هي  تعبير عن لقاء المحبة، وأن الجمهور هو زاد الشعر وتاجه ومحركه، ونبض الكلمة التي تلهم الشعراء الإبداع وإخراج عصارة مواهبهم الشعرية.

وقد طافت قصائد الشعراء في اتجاهات مختلفة مصورة العواطف الإنسانية النبيلة في أرقى أشكالها، والتحمت بقضايا الذات وهموم الإنسان، حيث تفاعل الجمهور مع الخيالات التي حلقت في أرجاء بيت الشعر، إذ ملأ ساحة البيت العديد من المثقفين، والأساتذة الأكاديميين، ومحبي الشعر من مختلف الفئات والأعمار.

افتتح القراءات الشاعر أحمد محمد عبيد، بقصيدة حملت عنوان "غياب" التي تضمنت أصداء جمالية غزيرة الإيقاع، ذات طابع فلسفي في تطويع فكرة الغياب بأسلوب متجدد حافل بالمعاني البلاغية، والصور المتلاحقة الموظفة بعناية وإتقان، من قصيدته نقرأ:

"أما تساءلت عن هذا الذي غابا

كيف الشرود على عينيه قد ذابا

كيف استفقتِ ولم تلقي قصائده

عند الصباح ولم تطرقْ لك البابا

هل انتبهتِ بأن الليل أرهقهُ

لمّا تلاشى مع الشِّعر الذي انسابا"

ثم قرأ نصاً آخر بعنوان "حديث" الذي تتشبع مفرداته بالعاطفة الجياشة، ونسيجه اللغوي المحلق، وتركيزه اللافت على قضايا محببة لدى الجمهور، حيث يقول:

"حديثكِ يستعيد بيَ الحكايا

‏ويسكب ما نبوح على رؤايا

‏ويسري بي دبيبًا لا يبالي

‏تبعثرني الحروف أم الشظايا 

وتسألني العروق عن اللواتي

 تركنَ لذاذةً بين الخطايا".

واستهلت الشاعرة د. مرام النسر حضورها بقراءة عدد من نصوصها الشعرية، ومنها قصيدة "من وحي الماء" ذات الإيقاع الشجي الفائض بالعواطف الرقيقة ذات الطابع الإنساني المرهف، والتي تتكامل في مضمونها بالصورة والخيال، تقول فيها:

"حبيبي ما استطعتُ الصبرَ فامننْ

عليَّ بشربةٍ أخرى لأبقى

و مُدَّ إليَّ في الآصالِ كفَّا

لأصبحَ في ثنايا الغيمِ ودقا

حروفُ الشِعر تجذبني فأفشي

لها أنِّي بحبكَ صرتُ غرقى".

ثم ألقت نصاً أخر بعنوان "أوراق مبعثرة" الذي تجتمع فيه خيوطاً متناثرة من العتاب في شكله الأنقى، حيث ترسم من خلاله تجليات الحنين بإشارات مكثفة مثرية للروح في إطارها الوجداني المشرق، نطالع منها: 

"ما للزمانِ يُبعثرُ الأوراقا

و يبيحُ رغمَ فراقنا الأشواقا؟

ما للزمانِ يعودُ نحوك سائلا

عني و ويوقظُ في فمي الإشفاقا؟

أهوى تراتيل الغرام و أرتمي

في مقلتيه لأرقبَ الإشراقا".

واختتم الشاعر عبدالرحمن الفاتح الأمسية بقراءة مجموعة من نصوصه الشعرية وقرأ قصيدة "وأنا كما قال الغزال" التي تعبر عن نموذجه الإنساني وهو يستحضر أوراقه التي ينثرها في الريح، وهو يتألم خلف ابتسامات متوارية، ليشكل لوحة غنية بالمفارقات نقتطف منها:

 "سفري إليّ العُمرُ مذ أتقنتُهُ

كالريحِ تبني الأفقَ دونَ نَفيرِ

ما زلتُ أكتبُ بالقرنفلِ منذ أن

وقفَ انتباهُ دمي عن التعبيرِ

وأنا كما قال الغزالُ معلمٌ

للشمسِ أُخفي بسمتي بزئيري".

ثم قرأ قصيدة أخرى حملت عنوان" تلعثم عند المقام" التي يفتح بها الشاعر باباً للتأويلات، والتي تكشف عن طبيعة الإبداع لديه، فهي نموذج أصيل للشعر الذي يفيض بحديث ممتع مع النفس، فيقول:

" أقول لها أحبكِ.. من سيدري

بموتي حين يبقى الحب حيّا

أجيؤك.. في زمان ليزريٍّ

ثقيلٍ، أحمل الزمن الرخيّا

زمانًا كان هذا الدمع طيفا

بلا خدٍ، وكان الجرحُ نَيَّا".

وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي، شعراء الأمسية ومقدمها .



Post a Comment

أحدث أقدم