الكاتبة سحرالأحمد
يا وجعا يغزّ
في الخاصرة .. غزة
غزير هذا الوجع
وقوافل الشهداء
تسير طوعا نحو السماء
تعجّ بالشواهد الوادعة
أمهات وأطفال شيّاب وعبّاد
لا فرق بين الصغير فيهم
ولا الشيخ الكبير
ما عاد بكائكم يجدي
وكلام الرثاء لا يسدّ ريقا بماء
من هناك سأدعوكم
للقتال أو اللقاء ..
فالحرية طريقها واحد
أن تسيل الدماء
لا شيء في وطني
يدمل الجراح
لا استنكارا ولا وعودا
ولا نداءات يجرها الأنذال
لا نريدكم ولا نريد منكم
غذاءا أو دواء
لا نريد غير صغاركم
بأكفها الطاهره
تتلوا على جثاميننا
خير الدعاء ..
عريض هذا الموت
ونازف حتى المغيب
يتوسد فيه الرّفاق
يتسامرون هناك
أنجما لامعة
تلوذ بالأحلام إلى الآخرة
وخبايا الخلود في برزخها
تتفتق عن كل قطرة زمردا
يذهبون بابتساماتهم
وحكايا الشمس
ويحمدون الله
على الخاتمة
يغيبون في شقوق
الركام وزواريب
الخيام الممزقة
يلملمون أرواحهم
قبل الصعود
وأصواتهم تهلل بالفاتحه
لم يبلغوا حبر أسماءهم بعد
يحملون أشلاءهم
لم يحفلوا بالميلاد
حتى أنّ الطفل نسي
أن يقبل أباه
وتركه يحطّب الليل
يمرّغ قلبه وحيدا
يلاحق عصافيره
مع الغيمات
هنا كانت مجزرة
هنا الحريق والمذبحة
هنا يعود الحزن واقفا
يمزّ من عروقه الدماء
يراقب الموت النيّام
يكبّر الفجر
ما عاد أحد في الديار
كيف ينجو من بات
يفرّ بين العتمِ وبين النار
النّهد ما عاد يكفي الرضيع
يلقمُ البؤس في النهار
وفي الليل يفطمه العويل
لم أؤمن يوما بالخنوع
ولم أعتقد يوما
أنّ في الابتسام ألم
حتى رأيتُ العصافير
جرحى في الحروب
حتى شممتُ رائحة البارود
على أغصان التين والتّفاح
وشاهدتُ لون الموت الرمادي
في وجوه الناس
نحن أولئك الذين يخوضون
حرباً غير متكافئة
نحن مَن نلقي حجارتنا الأخيرة
على نافذة هذا العالم
الساديّ حتى النخاع
عسى أن تنتبه إلينا
الضمائر العاجزة
نحن الذين نموت ونذر رمادنا
في عيون المتفرّجين
نحن الذين بكينا كثيرا
لننير الطريق لكلّ الابتسامات
يا عصافيري ، وكلّ العصافير
لا تنتظروا شيئا من العالم
دعونا وحدنا
دعونا وموتنا المشتهى
فإنا على أرضنا باقون
من قال بأن الموت
في غزّة غربة
الغربة أن تجفّ المروءة في عروقكم
ولتجري فوق الثرى الدماء
ليس بأساً أن يقتلنا الأنجاس
البأس أن يسابق على قتلنا النخاسُ
وليس رعبا أن تتحلل
اجسادنا تحت الركام
الرّعبَ أن يحِلَّ دمنا
بنوا الإسلام
فليكن عيشكم
عيش الذلّ والإنكسار
وعيشنا يأبى الفناء ..
موتي المرتب هنا جمعته
فلتصبوا في النار زيتا من عظامي
ولتوزعوا أشلائي
بضاعة مزاجة
تعدل الميزان
ستكون يوما ثمنا لكبريائي
فكلكم على موتنا سُمّارُ
كيف للضاد أن تمد حيائي
وأفي لهذا الموت
بشبر ماء ..
لن أبرأ بدمي حتى اللقاء ..
لن ابرأ وطعم الزيتون في فمي
لن أبرأ ورائحة الياسمين في عكا
تعجّ بأركاني
لن أبرأ حتى يصير لون دمي
برتقاليا غزيا ورائحته النصر
على أبواب عسقلان
#
إرسال تعليق