قصص قصيرة جداً بقلم هدى إبراهيم أمون



_____

شراع 


لملمت الأشياء الممكنة.. ولأول مرة يساعدها، قدمت له ما حوت جعبتها من ذهب وذكريات وأطفال..

سألوه قبل السفر: هل هذه أملاكك كلها؟

 أجابهم: بعتها وثمنها هنا..

قالوا: اصعدوا سيتسع لكم المركب..

 وبرغم السفر بقيت أقدامهم الحافية ملتصقة في تربة الوطن.

.

__________

موسم


دنا ظلها من الأوراق الشاحبة، وبرغم الحزن لم تشعر بالوحدة، فلم تزل الأغصان مثقلة ببعض الخضرة، هطلت النجوم على ليلها، في كل نجمة زرعت أمنية، امتدت مزهرة في مداها بساتين الأمل.

____________

ريح 


حزمتُ أمنياتي، هرعتُ نحو النجاة، تساقطَتْ أحلامي، تقلّدها البعض، ودجّنها آخرون ..

 تشبثتُ بما بقي، سارت أشجار زرقاء اليمامة أمامي، كنتُ مقيدة إلى أن عَبَرَتْ بي آلهة الحرب نحو ضفّة مشمسة، احتضنتُ السنابل ولمحتُ ظلّي بعيداً هناك في بلادي.. !

لم يزل يقاوم.

____________

نداء عميق


توقفت سيارة الإنقاذ، أبى الصعود إليها وهو يلتفت إلى ركام يحوي منزل طفولته وصباه.. 

طنين أصوات أطفاله جعل قلبه يرتجف، هرع نحو بؤرة صراخهم الذي ملأ الفضاء حوله

 "بابا هل ستذهب، وتتركنا هنا؟!"

____________


عمالة 


نثر الإقطاعي القديم أفكاره، حاربها الكادحون، تقمصها سادة العمل والمال..

في لحظة اختناق صرخ العامل الجامعي: ألا انتهاء لزمن الاستغلال يا عبيد الجشع؟!

____________

حوار


تكاثفت السحب الداكنة، ارتعشت الستائر 

وانسحب النور، يستمران في نقاشهما:

-أشعل شمعة وستدرك أنها المأساة.

-بل هي الخريطة..

-لا تعنيني التسمية والشكليّات بلا توفر الود والإخاء ولو وردت معلوماتك في مقدمة ابن خلدون..!

اشتد اختلافهما، وحين لكمه تلطخت المرآة بالدماء.

______________

همّة


أرهقها انطفاء القناديل، دلفت إلى زاوية تربط الماضي بالحاضر، تدثرت جيداً، عسى أن يحجبها الغطاء عن واقع يحارب بهجتها، تفرّعت الأيادي الجافة تحثّ أفكارها على النهوض، دقت طبول انبلاج الضياء، حين دأبت لجمع أوراق الخذلان في موقدتها.

_____________

ارتجاج 


اهتز المنزل وكانت الظلمة تعمّ المكان، تجاذبنا بصعوبة إلى أن تشبثنا بأيادي بعضنا البعض برغم اختلافنا..! وبرجفة هائلة فقدنا الإحساس بالوجود والزمن.. منذ تلك اللحظة أتساءل: هل نحن أحياء؟!

____________

مخاصمة


تشاجر طيران، توالت الفصول على فراقهما، حاول الحنين حثهما على العودة.. أفشلا مسعاه..

 و جاء الخريف، بدأ بحرق رداء الطبيعة، لمح بين جنباته أجنحة طير يبحث متألمًا عن رفيقه إلى أن دفن رأسه وسط بقايا ريش أليف.

____________

عويل الريح

صرخت الأم: "أين الملابس؟!"

تتشبث الطفلة بأمها، لم تعد راغبة باسترجاع الملابس، تريد ابتسامة أمها فحسب..

صارع الوالد الرياح باحثًا عمّا سلبته من أشياء تخص أسرته، كان أهمّها؛ ابتسامة طفلته وأمّها.

_____________

هدى إبراهيم أمون

Post a Comment

أحدث أقدم