عمان - عمر أبو الهيجاء
بعد مشاركته في فعاليات "مهرجان المربد الشعري الدولي" بدورته الخامسة والثلاثين دورة الشاعر العراقي أحمد مطر، استضاف اتحاد الأدباء والكتاب العراقي في مقره بالعاصمة بغداد، الشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة بحضور الشاعر عمر السراي الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق، و د. علي الفواز رئيس اتحاد الأدباء العراقي في بغداد، والوفد الفلسطيني المشارك الشاعر مراد السوداني وناصر عطاالله ومحمود أبو الهيجاء وسط حشد كبير من الشعراء العرب والعراقيين والإعلاميين، هذا ما شهدته قاعة الجواهري بمقر الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق.
وافتتحت الأمسية التي أدارها الشاعر خالد الحسن، بأغنية " تعال لحبك أنه اشتاك" بصوت الفنان علي حافظ، ثم عرج الحسن للترحيب بالمحتفى به وسط حضور جماهيري كبير.
إلى ذلك قرأ الشاعر محمد عبد الله البريكي مجموعة من قصائده العالية ومحكمة البناء والمعنى، حيث خصّ العراق بقصيدة مطولة استطاع من خلالها أن يبث خلجات قلبه تجاه بلد الرافدين مهد الحضارات والتاريخ.
ومن قصيدته التي شدا بها للعراق نقتطف منها حيث يقول:
(إنَّ العراقَ وإنْ تثاقلَ بالأسى
سيثورُ رغمَ الضيمِ كالإعصارِ
فتأنّقي يا روحُ، إنَّ مدينةً
تغفو بعينِ الرافدينِ مزاري
الأهلُ أهلي، يسكنونَ بخافقي
وصغارُ بغدادُ الرشيدِ صغاري
بغدادُ، لو عثرتْ خطايَ على الحصى
من طولِ شوقي، لا مِنَ الأسفارِ
وأنا أطيرُ معَ السحابِ ولا أرى
إلاكِ في هذا المدى أمطاري
فلْتمطري في أيِّ ناحيةٍ على
روحي، على شعري، على أسواري
فَخَراجُ حبِّكِ لا يغادرُ أحرفي
فتهيَّئي كيْ تسمعي أشعاري).
وواصل الشاعر البريكي تجلياته الروحية والشعرية على الموسيقى العراقية حيث امتزج الشعر مع الموسيقى مما منح جو الأمسية بعدا فنيا وإبداعا تفاعل معها الحضور، حيث أخذ الجمهور إلى مساحات متنوعة من الجمال والجرس المتناغم وحالات الشاعر المفعمة بالأحاسيس وصدق القول في معاينة الأشياء والمحيط الذي نعيشه ويعيشه الشاعر فكان سادن البيت الكهل.
ومن قصيدة " سادنٌ في الأساطير" التي أمعن فيها التفاصيل بفلسفة الشاعر العارف لنطالع قوله الشعري الشفيف:
(لا يُصَلّي وظلُّ عينيهِ صلّى
سادنٌ صارَ في الأساطيرِ ظِلّا
سَرَقَ الوقتُ طفلَهُ فتناسى
أنَّهُ صارَ بعدَ ما شابَ طِفْلا
يحرثُ الحقلَ دمعُهُ ويُغَنّي:
يا لدمعي وقَدْ تَحَوّلَ حَقْلا
أخذوا التمرَ من يديهِ وغابوا
ورمى الجوعُ حولَ كفّيهِ نَخْلا
وتجلّى دمُ القميصِ فجاءوا
لأبِ الشعرِ، وجهُهُمْ يَتَجَلّى
منذُ عَشْرٍ وطفلةُ البيتِ تلهو
في حناياهُ والأناشيدُ تُتلى
مَوْسَقَ الحبَّ فاستفزَّ الأغاني
ودنا الشعرُ نحوَهُ فتدلّى
ليسَ كهلاً يَهدّهُ العزمُ لكنْ
صيّرَ الصبرُ سادنَ البيتِ كهلا).
وتابع قراءته وتمثل في قصائد الوجع وفلسطين منشدا للأمل والحياة، قصائد الشاعر امتازت باللغة الموحيّة والمعبرة عن معاناة الإنسان العربي، راسما للمتلقي معنى الحب حين تغنى بفيوضات قلبه للحبيبة المشتهاة.
من قصيدته "مكرُ شيطانٍ ووعيُ نبي" نختار منها:
(في داخلي مكرُ شيطانٍ ووعيُ نبي
وفي العيونِ أرى مولايَ ثُمَّ أبي
وأدخلُ الحقلَ، لا أسطو على شَجَرٍ
إلا لأقطفَ من أغصانِهِ أدبي
مسافِرٌ بي جنوني حيثُ توصِلُني
هذي النجومُ التي تلهو، إلى شَغَبي).
ومضى الشاعر البريكي بالجمهور إلى الطواحين وغدرها، لنقرأ هذا الغدر على صفحة القلوب معاينا جراحات فلسطين وأوجاعها والحزن يسكنها :
(كَحبّةِ القَمْحِ لا تَقْسو على الطّينِ
أتَتْ بكِ الرّيحُ في ثَوْبي فَضُمّيني
وخَبّئيني لكيْ نَنْجو بِلَهْفَتِنا
فَقَدْ تَشَبَّعْتُ مِنْ غَدْرِ الطَّواحينِ
تَفَتَّحَتْ كُلُّ أَزْرارِ القَميصِ كَما
تَفَتَّحَتْ لَوْعَتي فَوْقَ العَراجينِ
فَقَهْوةُ الكَيْفِ ما عادتْ مُكرَّمَةً
لِكَيْ تَصُبَّ الأماني في الفَناجينِ
طُموحُنا في حُقولِ الحُلْمِ حَنْظَلَةٌ
تَقَطَّعَتْ في حَشانا بالسَّكاكينِ
ولَمْ نَجِدْ غَيْرَ حُضْنِ اللَّيْلِ نُسْمِعُهُ:
يا أيُّها اللَّيلُ رِفْقاً بالمَساكينِ
حَياتُنا كِذْبةٌ كُبْرى نُصَدِّقُها
وما الحَياةُ سِوى حُلْمِ المَجانينِ
وما الحَياةُ سِوى أُنْثى تُلَوِّعُنا
بِكَعْبِها ثُمَّ نَهْوي في الزَّنازينِ).
وكما أيضا ألقى جملة من القصائد العامية والشعر النبطي تفاعل معها الحضور، وثم قدم الشاعر البريكي رؤية عن مستقبل الشعر في الوطن العربي وعن مهمة بيت الشعر في الشارقة ومجلة القوافي التي تشير للجمال والحقيقة والشعر الحقيقي حسب وصفه.
إرسال تعليق