نجمُ الرِّشا



سجّاد حميد

أَبِنتَ كِرَامِ النّاسِ بِنتَ الجَلائِلِ

إلَيْنَا جَوَابًا كَيفَ رَقْيُ الفَضائِلِ ؟


يُفَاضِلُ حُسْنَ البَدرِ حُسْنُكِ تَارَةً

وغَيرُكِ مَن لِلبَدرِ إنْ لم تُفَاضِلِي ؟


وأُخْرى نَرَاكِ النَّجْم فَوقَ كَوَاكِبٍ

تَضِجُّ بِكِ الأَضواءُ وَسطَ المَحَافِلِ


فإبْدَاعُ كُلِّ المُبْدِعِينَ مَطَيَّةٌ

وإبْدَاعُكِ المَعْسُولُ حِمْلُ قَوَافِلِ


وما لُغَةُ الأَقْحَاحِ عَنكِ عَصِيَّةً

فلَوْ كُنتِ فِيْهِمْ كُنتِ فَوقَ الأَوَائِلِ


يُسَاءَلُ كُلُّ الكاتِبِينَ لِزَلّةٍ

وإنْ جِئتِ عَمْدًا زَلَّةً لَم تُسَاءَلِيْ

فإنْ شِئْتِ تُبْنِينَ اللَّوَازِمَ دُونَما

شُرُوطٍ وكَسرًا عندَ رَفعِ الفَوَاعِلِ


فمَا القَيسُ إلّا طَالِبٌ عندَ فَنِّكُمْ

وما المُتَنَبّيْ فِيكِ إلّا كجَائِلِ


وما الجاهِلِيَّاتُ الطِّوَال رَوَائِعًا

إذا قُوْرِنَتْ حُسْنًا بِحُسْنِ الكَحَائِلِ


فعَيْنُكِ عَصْماءُ القَصَائدِ وَحدُها

وخَدُّكِ كُبْرَاها ولَستُ بِهَازِلِ


وأعذَبُ مِن كُلِّ القَصائِدِ ثَغرُكُمْ

وكيفَ وخَمرُ الثَّغرِ مثل السُّلَاسِلِ


تَضَاءَلَ حُسنُ الغانِياتِ حِيَالكُم

وفي الحُسنِ أنتِ الأَوْجُ لم يَتَضاءَلِ


ومِثلكِ فَوقَ التّاجِ يُحمَلُ شَامِخًا

وكُلُّ أَمِيْرَاتِ الرُّوَا مِثل رَاجِلِ


فِدَاكِ أَنَا والخِلُّ والنّاسُ كُلُّهُم

ومِن عَجَمٍ والعُربِ كُلُّ القَبَائِلِ


فلَستُ إذا الحَسْناءُ تَكْشِفُ سَاقَها

بِمُكْتَرِثٍ ،  إلّاكِ ذَلَّ تَجَاهُلِي


لِتَغْدِقْ على قَلبي سَحائِبُ حُبِّكُم

على نَبضِ قَلبٍ في الصَّبابَةِ مَاحِلِ


فقد عَلِقَت بَينَ العُيونِ دِلَاؤُنا

فلا تُجْدِبِيْ إنْ جَاءَكُمْ قَلْبُ نَاهِلِ


فمُذ أبْصَرَ القَلبُ اللَّعينُ لِحاظَكُم

بِلا مُغِيثٍ لَم يَزَلْ في المَوَاحِلِ


وأُبْلِغُ تَلْمِيحًا إليْكِ مَشَاعريْ

فعِيْ نَبْضَ قَلْبٍ في سُطُورِ الرَّسَائِلِ


ولا تُرجِعِي السُّؤَّالَ إلّا حَوافِلًا

فيُحرَمُ شَرعًا في الهَوى نَهرُ سَائِلِ


فرُدّي جَوابًا إنْ بَلَغتِ غَوَامِضي

بِنَصٍّ جَمِيلٍ أو على لَسْنِ قَائِلِ


قَلَائِلَ هُنَّ الكامِلَات مَحَاسِنًا

وبِنتُ هِشَامٍ أَوّلًا في القَلَائِلِ


فأَعذَبُ مِن عَذْبِ البَلابِلِ رَاؤُها

إذا قُوْرِنَت لَحْنًا بِصَوتِ البَلابِلِ


ومِسْكَ خِتامٍ قد تَضَوّعَ أَلْفُها

وفي شِينِها ضَمّت جَمِيلَ الشّمائِلِ


فلَو كَبَدُ العلْياءِ كانَ مقامُها

ولَو حُمِّلَ الكَتْفانِ ضِعفَ المَثَاقِلِ


سَأَنقُشُ في الخَدَّيْنِ رَسْمَةَ قُبْلَتِي

وأَجعَلُ ثَغرَ الشَّهدِ مِنها مَناهِلي


إذا رُمْتَ شَيْئًا فالْهَجَنَّ بِذِكْرِهِ

تَجِئْكَ بِهِ بِالطَّوْعِ كُلُّ الكَوَاهِلِ


وتَنْقَدْ بِيُسْرٍ مُرغَمَاتٍ صِعابُه

ويُرشِدْكَ حَيثُ الظَّفْرِ صَفْوُ الدَّلَائِلِ


وإنْ تَبْغِ نَيْلًا فارْنُوَنَّ لِعُلْوِهِ

فمَن نَالَ مَا لَم يَرنُ لَيْسَ بِنَائِلِ


وقِيلَ لِمَن تَرمي فقُلتُ إلى العُلا

لِنَجمِ الرِّشا أبغِي بِرَغمِ الحَوائِلِ


فأَذهَلَنِي نَجْمُ الرِّشاءِ طُلُوعُهُ

وحُسنٌ له بَاقٍ ولَيسَ بِدَائِلِ


فعند دُجَى لَيلي تَشَعْشَعَ نُورُهُ

وما زَالَ في أُفْقِ الدُّجى غيرَ آفِلِ


سَأَسْرِقُهُ مِن بَينِ حِضْنِ سَمَائِهِ

وآتِيْ بِهِ بَحري وعندَ سَوَاحِلي


فيَا أيُّها النَّجمُ المُنِيرُ حَوالِكي

هَلُمَّ إلى أَرضي ودُرْ في مَنَازِلي


نَشُمُّ مِنَ الأزْهارِ وَسْطَ جُنَيْنَتي

ونَمْرَحُ بَينَ الوَردِ عندَ المَشَاتِلِ


نَنامُ بِظِلّ الزّانِ في نَشْوَةِ الهَوى

ونَلْتَحِفُ الصَّفْصَافَ قُربَ الهُلَاهِلِ


وإنْ صَحَتْ مِن سَكْرَةِ اللَّثْمِ رُوحُنا

فلَيسَ سِوَانَا في لَفِيفِ الخَمَائِلِ


نَظُمُّ الشِّفَاه والعُيونُ غَوَامِضٌ

فنَغْفُو ونَصْحُو تَحتَ سَيلِ الجَّدَاوِلِ

Post a Comment

أحدث أقدم