عمان – عمر أبو الهيجاء
احتفالاً باليوم العالمي للشعر، أقام بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة، أمسية شعرية، مساء يوم الثلاثاء الموافق 19 مارس 2024، وذلك في إطار فعاليات منتدى الثلاثاء، الذي يحتفي في كل فعالية بمجموعة من الشعراء الإماراتيين والمقيمين والقادمين من كل أنحاء العالم العربي، ليحلقوا في سماء الشارقة.
شارك في الأمسية الشعرأء : د. حسين الرفاعي، ابتهال تريتر، محمد الكامل، وأدار مفردات الأمسية الإعلامي وسام شيا، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر، وحشد كبير من الجمهور الذي غصّ به فناء البيت، إذ حضر عدد كبير من محبي الشّعر ومن الشعراء والأكاديميين والنقاد، الذين تفاعلوا بشكل كبير مع النصوص وأجواء المكان.
بدأت الأمسية بكلمة الإعلامي وسام شيا الذي قدم أسمى آيات الشكر والعرفان إلـى راعي الثقافة صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، كما شكر دائرة الثقافة بالشارقة والقائمين عليها، وبيت الشعر ومديره الشاعر محمد عبدالله البريكي على جهوده المستمرة وتفانيه في خدمة الشعر العربي، وقال عن هذه المناسبة:
اليوم حيث يحتفلُ العالم بالشعر ويحتفي بالشعراء، وهل من مكانٍ وفيّ للمناسبة أكثر من هذا المكان، وهو الشاهد في كل زاويةٍ وركنٍ على أروعِ ما نطق به الشعراء، وها هي الجدران تشبعت من أحاسيس القوافي وعبقِ المفردات، وبهو هذه القاعة يردد صدى أصوات مئات الشعراء الذين صدحوا في أمسياتٍ من خيال، وهل أبهى من بيت الشعر من مكانٍ نحتفلُ فيه باليوم العالمي للشعر، لنضيءَ قناديلَ الإبداع ونقتفي أثرَ الفراشاتِ الفارَّة من صخبِ الأزمنة وضجيجِ الحياة، لنسافرَ على متنِ الأحلامِ الوردية صوبَ اللامكان حيث تنتفي الحاجة لحضورنا الجسدي.
ثم بدأ الشعراء بالقراءة، ليسافروا بالحضور على أجنحة الإبداع والجمال، إذ افتتحت القراءات بالشاعر د. حسين الرفاعي، الذي استهل بقصيدة "نصيحة مشفق" وفيها يدافع عن مكانة اللغة العربية، منها:
"الشَمْسُ تَفْتِكُ بِالظَلَامِ الْحَالِكِ
فَعَلامَ سَعْيُكِ فِي الطَرِيْقِ الشَائِكِ؟!
وَعَلامَ تَخْتَارِيْنَ دَرْبًا عَابِسًا؟
هَلَّا سَأَلْتِ الصُبْحَ يَا ابْنَةَ مَالِكِ!
يُخْبِرْكِ مَنْ شَهِدَ الضِيَاءَ بِأَنَّهُ
يَنْسَابُ فِي أَلَقٍ بِوَجْهٍ ضَاحِكِ"
ثم قرأ قصيدة "دموع الفراق" وهي مرثية حزينة جسدت الألم الذي رافق شاعرها وهو يتحدث عن رحيل مؤسس الدولة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، منها نطالع:
"يَا مُصْغِيَاً لِقَصِيْدَتِي مُتَسَائِلاً
مَا بَالُهَا لَبِسَتْ ثِيَابَ حِدَادٍ؟
عُذْرَاً إِذا لَفَحَتْكَ نَارُ مَشَاعِرِي
نَارُ الْأَسَى مَشْبُوْبَةُ الإِيْقَادِ
عُذْرَاً ، فَمَنْ قَدْ مَاتَ وَالِدُنَا الَّذِي
يَحْدُوْ مَسِيْرَتِنَا ، فَنِعْمَ الْحَادِي
مَنْ كَانَ يَحْمِلُ شَعْبَهُ فِي قَلْبِهِ
مَنْ كَانَ يَحْمِلُ هِمَّةً وَمَبَادِي
الْجُوْدُ غَيْثٌ هَاطِلٌ مِنْ كَفِّهِ
جُوْدُ الْأَبِ الْحَانِي عَلَى الْأَوْلَادِ
كَلِمَاتُهُ كَانَتْ تَهُزُّ نُفُوْسَنَا
وَرَحِيْلُهُ قَدْ هَزَّ قَلْبَ جَمَادِ".
أما ابنة النيل الشاعرة ابتهال تريتر، فقد حملت أوجاع سودانها في نصوصها، لكن الأمل لم يفارق بوحها، فجسدته لغة عالية الصور، أنيقة الخيال، ومن قصيدة "عدالة الموج" نختار منها:
"مَشِّطْ حُضُورَك، أنفاسِي مُهرْولةٌ
تَضَفَّرتْ بين فَكَّيْهِا المَسَافَاتُ
عَرَّافَةٌ وبَيَاضُ الرَّمزِ أبخِرتِي
تفَجرتْ فوق نَوتاتِي الكِناياتُ
قوتي الشُّعَاعُ و أبداني مُوزَّعَةٌ
على السَّمَاءِ وفي بُرْدَيَّ مِيقَاتُ
أُقلِّبُ الماءَ لكن لا أرتِّقُهُ
فُكُلُّ مَن غَدَرُوا بالماءِ أَمواتُ".
ثم طافت مدن الشعر وهي تبهر قصائدها بالحنين، وتعطره بأناقة ، وبوح للنهر بما تحمله الريح من حكايات لا يحسن سردها إلا الشعر، تقول في قصيدتها:
"مكاتيبُنا في الريحِ تنسى طريقَها
إلينا ولكنا إلى الريحِ أسبَقُ
كتمت عن الأنهار مائي ومذهبي
ولكنَّ كشّافَ المحبينَ ضيِّقُ
تركتُ اعتزالي في يدِ اللطفِ فانتهى
فناداكَ من خلفي الهواءُ المُخَلّقُ
وعلَّقتُ في ليلِ المتاهاتِ لم أكن
شعاع انتصافاتٍ فساءَ التعمُّقُ"
واختتم القراءات الشاعر السوري محمد الكامل، الذي افتتح بروحانية تهيم عشقاً في سيد الخلق، وتفيض صدقاً وقرباً:
"كيفَ المديحُ وأنتَ أعظمُ من بهِ
قَلَمٌ تسمّرَ والمِدادُ تجمَّدا
وشربتَ من ماءِ الرضا فاعتدتهُ
وكذاكَ من شربَ اليقينَ تعوّدا".
إرسال تعليق