بناء التنمية المستدامة للأعلام الحقيقي والبعد عن الاعلام الأسود وسمومه في ظل أصول المهنية الإعلامية وضوابطها السليمة

 



بقلم: المستشار الدكتور/ إبراهيم الزير "المملكة الأردنية الهاشمية".

"قاضي تسوية وفض المنازعات الدولية بالمحكمة الدولية بلندن، سفير الجودة والتميز بالاتحاد الأوروبي، مفاوض دولي، مبعوث السلام الدولي، سفير التنمية المستدامة حول العالم، أستاذ دكتور القانون الدولي العام والخاص، كاتب سياسي، مستشار اعلامي ، خبير دولي في العلاقات الدولية و الدبلوماسية ."


بادئ ذي بدأ.. 

جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم  كتب قائلا في احد مقالاته السابقة  ( منصات التواصل ام التناحر الاجتماعي ) و تحدث عن اهم  القضايا التي تعتلي الساحة الأردنية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و ذكر ان مؤخرا تناول العديد من الشائعات التي تستهدف معنويات الأردنيين و تماسكهم  و ختم مقاله قائلا (" لنضع المستقبل نصب اعيننا و نمضي نحوه و بثبات و قوة و إيجابية كي لا يفوتنا الركب لنسخر أدوات العصر لصالحنا و نثريها بصبغة اردنية تعكس هويتنا و القيم و الاخلاق التي أنارت مسيرة هذا الوطن ....") مما دفعني افتح الباب على مصرعيه لماذا لا يكون لدينا ضوابط و معايير و التزام اتجاه اعلام منهجي و قانوني و ملزم بمقاييس يخدم هذا الوطن الغالي فان الإعلام التنموي الجهاز العصبي لعملية التنمية، وهدف الإعلام التنموي الأساسي هو تعظيم مشاركة المجتمع في كافة عمليات التنمية وتحويله إلى مجتمع مساند للعملية التنموية، وتحويل أفراد هذا المجتمع إلى وكلاء التنمية والتغيير، وذلك باستخدام أدوات المعرفة والوعي لتحقيق التنمية المستدامة للأعلام بصفه عامه و برامج التواصل الاجتماعي بصفه خاصه .

وان تحدثنا عن خصائص الإعلام التنموي فأننا نتحدث عن إعلام هادف، حيث أنه يسعى الى تحقيق أهداف المجتمع الأساسية ومصالحه الجوهرية، فهو يقوم بتهيئة الاجواء المناسبة لغرض انجاح الخطط التنموية كما ويهدف بالدرجة الأساس إلى تعزيز قدرات الجمهور من أجل المشاركة الإيجابية في عملية التنمية والقضايا التي تهم المجتمع الذي يعيشون فيه.

و للعمل على تطهير اعلامنا من الشائعات و الملوثات و الذباب الالكتروني الذي يعمل من خلال اجندات عمل على ضرب البنيه التحتية لمجتمعاتنا العربية و منها الوطنية  هو السلوك المجتمعي في التعاطي مع المصادر المفتوحة والذي يلعب المواطن دورا مهما فيه باعتباره الحلقة الأقوى في نشر الشائعة أو درئها، حيث تقع عليه مسؤولية التأني قبل نشرها والتفكير في أبعادها التي من الممكن أن تضر بالأمن الوطني أو البيئة الاستثمارية حيث أنه قد يؤدي نشر معلومات معينة قبل التحقق منها إلى زيادة مشكلة البطالة على سبيل المثال ما يسيء إلى البيئة الاستثمارية وهنا تبرز أهمية ما أطلق عليه النعيمات موضوع "إدارة السمعة"، لافتا إلى أهمية دور مشروع التربية الإعلامية الذي يهدف إلى زيادة نسب الوعي في تداول المعلومات.

وأن أهم وسائل التصدي للشائعات وجود معلومات واضحة دائما والإعلان عن أي مشكلة بشكل فوري دون ترك المجال للمغرضين لبث الشائعات وتضخيمها، لذلك تكمن أهمية وجود متحدث رسمي، حتى يتم توثيق المعلومات والحقائق بعيدا عن التشويه بهدف تخفيف الأضرار المحتملة على المجتمع، وغالبا ما ترتفع الشائعات في الظروف الطارئة والحروب وأوقات الأزمات.

واستشهد بأن فترة جائحة كورونا انتشرت الشائعات المتعلقة بالمجال الصحي، ويمكن القول أن أضرار الشائعات فاقت أضرار الفيروس ذاته ولاسيما أن الكثيرين ما برحوا يعيشون في الوهم الذي خلقته الشائعات حوله إلى يومنا هذا وأضحى من الصعب عليهم العودة لحياتهم الطبيعية.

وبالتالي لابد ان نتناول ان يكون له صورة مميزه عباره عن "مبرمج ومخطط" وهو ربطت بخطط التنمية ومصالح المجتمع و جعله أيضا شامل ومتكامل وهو إعلام شامل يرتبط بنواحٍ اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية تربوية، ويسعى إلى اقناع الرأي العام بضرورة التغيير الاجتماعي لتحقيق أهداف التنمية.

فضلا عن ذلك جعله إعلام متعدد الأبعاد حيث تتعدد ابعاده لتشمل الابعاد الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

و الأهم في كل تلك المميزات و الخصائص و الأهداف إعلام واقعي ، حيث ان نقوم بتقديم  إعلاماً واقعياً في أسلوب معالجته لمسائل المجتمع وطرحها ويعبر عن هموم الناس وتطلعاتها وقابلاً لمسايرة القضايا المستجدة، يستند إلى الوضوح في التعامل مع الجمهور والثقة المتبادلة.

بالتزامن مع كل تلك الرؤية لابد من اضافه امر مهم وهو ان يكون حديث ومتطور ومتفتح وغير تقليدي، حيث يستخدم أساليب مشوقه حديثه، ويستفيد من خبرات وتجارب الدول والمجتمعات الأخرى.

ولابد ان ندرك بان الاعلام الممنهج السليم والصحيح اشكاله مختلفة و منوعه و بالتالي فان أنواع الإعلام التنموي عباره عن نوعين من الاعلام التنموي وهما " الإعلام الجماهيري: والذي يشمل وسائل صحافة مطبوعة، صحافة الالكترونية، تلفزيون، إذاعة، و تاليه الإعلام المباشر أي الاعلام الصادر من منظمات المجتمع المحلي والذي يشمل لقاءات مفتوحة مع أفراد المجتمع المحلي (المستهدف) وإصدارات مطبوعة أو مسجلة.

و لكل ما كان في السياق عوامل ظهور الإعلام التنموي حيث أسهمت عوامل عديدة بشكل كبير في ظهور الأعلام التنموي ومن أهمها الفجوة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي بالتالي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية، حيث خلفت انعكاسات اقتصاديه ونفسيه وثقافيه على سكان أوروبا وقد التفت علماء الاتصال إلى مفهوم المسؤولية الاجتماعية والتي تعني مسؤولية الإعلام لترميم الدمار الذي خلفته الحروب.

واستقلال العديد من الدول وخاصة في جنوب العالم وهذه المجتمعات الجديدة كانت تعاني من فجوه اقتصاديه واجتماعية سياسية هائلة بالمقارنة مع دول الشمال ولهذا ظهر هناك ضرورة لقيام الأعلام بدور لتقليص هذه الفجوة.

و هنا من متطلبات نجاح الإعلام التنموي لا بد العمل على توفير وسائل إعلام واتصال متطورة ومختلفة، ومن خلالها يمكن تعريف الناس بحقيقة مشاكلهم ونقل أفكارهم لتحقيق التطوير المنشود،  والعمل على توزيع وسائل الإعلام المتعلقة بالتنمية بشكل جغرافي يتناسب مع مساحة البلد بحيث تشمل كل المناطق والنواحي والقرى ذات الكثافة السكانية العالية و الأهم الاعتماد علي خريجي كليات الإعلام والصحافة وتوفير الكادر الإعلامي اللازم لإعداد البرامج الإعلامية.

والعمل على التنسيق ما بين توجهات الدولة التنموية ومؤسسات الإعلام، كوضع الخطط والبرامج المشتركة لتحقيق‏ الأهداف المطلوبة ، والسعي على فسح المجال واسعا أمام مشاركة الجماهير وبشكل مباشر في طرح قضاياهم ومساءلة المسيئين عبر حوارات جادة وعقلانية وشفافة وديمقراطية.

والصورة الأكثر وضوح إبراز فلسفة التنمية وتوجهاتها، واستخدام أدوات البحث العلمي لزيادة المقدرات الإعلامية على التحليل والاستقراء، والمهنية والمصداقية واحترام الحرية الصحافية والاستقلالية في تحديد مشكلات وقضايا وتحديات التنمية، والاستفادة من العلم والتكنولوجيا الإعلامية والثورة التقنية، لبناء قاعدة معلومات وتحليلات يستفاد منها في وضع استراتيجيات وتحليل السياسات.

ولابد ان نتناول الأهم طبقا لتلك الضوابط مستويات العمل في الإعلام التنموي وهي المستوى الرسمي: وذلك يكون بعرض الواقع الاقتصادي والتنموي، بإيجابيات وسلبياته، وطرح الحلول العلمية للمشكلات التنموية، وعرض معوقاتها وأهدافها.

والمستوى الشعبي ويكون بخلق وعي جماهيري بالسياسات التنموية، والتوعية بأساليب النهوض باقتصاد الفرد والأسرة والجماعة، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال شرح السياسات التنموية بصورة مبسطة يفهمها المواطن العادي والمتخصص، وتوضيح مفاهيم الإنتاج الوطني وقيمته بالنسبة لتدعيم الإنتاج الاقتصادي، وترشيد الاستهلاك لدى المواطنين بكافة طبقاتهم، وتنمية الوعي والاستثمار لديهم.

الفرد والمجتمع والدولة يعانون من ظاهرة العصر وهي الارهاب، ورغم أن الظاهرة قديمة قدم البشرية وعرفتها الإنسانية منذ العصور القديمة وكذلك الوسطى إلا أنها في العقود الأخيرة انتشرت بسرعة فائقة جدا سرعه البرق وأصبحت أداة من أدوات الممارسة السياسية ووسيلة تستعمل لطرح القضايا والمطالبة بالحقوق والقضايا الإنسانية والوصول إلى الرأي العام المحلي والدولي كما أصبحت بامتياز وسيلة لإدراك الرأي العام والتأثير في صناعة القرار كذلك و لكن بصورة مزيفه غير واقعيه و التي من شأنها مكافحتها و القضاء عليها من جذورها للحفاظ على الامن السياسي للدول و امنها القومي .

و الدليل على ذلك شاهدنا الخلايا الإرهابية التي تاجرت بالقضية الفلسطينية قضيه الامه العربية كيف استغلها البعض لمحاولة المساس بالأمن القومي للدول و لكن لحيطه و يقظه الأجهزة الأمنية كان لتلك الاجندات الملوثه بالمرصاد و التصدي لها بكل قوة و ملاحقه من يستغل برامج التواصل الاجتماعي في نشر الأكاذيب و المؤامرات و تنفيذ الاجندات الملوثة في منطقتنا العربية .

كما نحذر من الخطر الذي يداهم الدراما العربية و الاعلام المرئي و على رأسها السينما و ما يتناوله مسلسلاتنا العربية لسلوكيات دخيله على مجتمعاتنا العربية و من هنا لابد العمل على تحقيق رؤية سليمه طبقا للضوابط للأعلام الحقيقي يحمل شفافية  و رؤية حقيقيه تتحدث عن حضارتنا و عاداتنا و تقاليدنا خاصه و ان مجتمعاتنا العربية تضم بصورها البدوية و الحضرية المدنية و الفلاحية التي تعد كل فئات المجتمع المدني ليست فقط على مستوى العربي بل العالم اجمع يتناول بها رسائل منهجيه تعمل على خلق جيل جديد خالي من العيوب و الامراض النفسية تجعل منها طاقه إيجابية لخدمة الاعلام الحقيقي بكل علومه و ضوابطه.

و هديا لما تقدم ذكره كيفيه المعالجة الصحيحة لكل تلك المعطيات هي العمل على تنظيم الدورات التدريبية والمشاورات الإعلامية واستخدام الإعلام لوسائل تكنولوجيا المعلومات الحديثة مع التركيز علي الحوار كوسيلة للتعلم ونقل المعرفة أمرا ضروريا‏.‏ بالإضافة إلي تكوين شبكات المعلومات التي تعمل علي نشر الوعي بقضايا المجتمع ورصد مدي اهتمام وتجاوب الرأي العام حيال هذه القضايا التي تعمل بشكل سليم ‏،‏ كما تعمل علي عقد المؤتمرات والندوات علي المستوي الوطني والإقليمي والدولي‏، بهدف بناء مشاركات إعلامية إقليمية ودولية لتبادل الحوار والخبرات وإثراء التغطيات الإعلامية‏,‏ الأمر الذي يسهل عملية التفاعل علي المستويات المختلفة وإثارة الجدل حول قضية الإصلاح‏,‏ مع الوضع في الاعتبار أن الصراحة واجبة‏.‏ والشفافية مطلوبة‏,‏ والتناول الإعلامي لكل القضايا بأسلوب موضوعي ومحايد أمر لا غني عنه و البعد عن الهاوي و المستغل و المستخدم للأجندات الملوثة المريضة التي تنشر سمومها بين المجتمعات العربية و خاصه دول الشرق الأوسط  ، حفظ الله أردنا الغالي و أمتنا العربية من تلك الامراض و الاجندات الملوثة التي تعمل على زعزعه و استقرار امننا القومي و أمننا السياسي من كل شر و مكروه و أدام ترابطنا و تلاحمنا الوطني تحت مظلة الهاشميون .



Post a Comment

أحدث أقدم