كلمتين لرضوى "أحادية الأشياء"

 


الكاتبة والسيناريست رضوى رضا 


من ظلم الإنسان لنفسه أنه يوقف حياته على أحادية الأشياء والبشر وكأنه يقول للحياة "إما هذا أو انتهى وكفى ولا شيء آخر"، وفي الواقع لا شيء قد انتهى فهناك الكثير من كل ما نريد؛ فالحياة بها وفرة من الرجال والنساء والعلاقات والوظائف والفرص حتى أكثر ما نعتبره غالٍ ولا يتكرر هذا فقط -مجرد اعتقاد- لأن لكل شيء عوض ولكن لا نراه جليًا إلا إذا تقبلنا ذلك.. فيا من خسر علاقة أو وظيفة أو شخص أو شيئا ثمينا لا تغضب ولا تحزن وافتح بابك واحتمالات حياتك لترى عوض الله لك لأن تعويض الرحيم دائما موجود لكن لن تراه ما دمت قررت ألا تغلق الصفحة المنتهية بالفعل والتي لم يعد بها مكان لكلمة، لكنك تُصر أن تبحث عن ذاك المكان ولا تُصر أن ترى رحمة ربك وعطائه وعوضه الذي هو حتما أفضل مما خسرت، وليس بالضرورة أن يكون مشابه لما خسرت حتى ترضى وتراه فربما تخسر علاقة فتجد العوض في فرصة عمل وربما تخسر أموال فتجد علاقة تمنحك الأمان والمشاعر التي تغنيك .. فقط تأكد أن العوض موجود، وأن الحياة وافرة عامرة لا تخلو من شيء وخصوصا مما نريده وبشدة ولكن دون تذمر وانتظار.

ثم أن الشيء الذي تُوقف الحياة عليه لو كان ما تريده متوفرا فيه لبقي لك، لكن التمسك به ما هو إلا استنزاف لمشاعر ووقت وطاقة أي إهدار لأثمن ما يملكه الإنسان دون مقابل يذكر، في الحقيقة التي لا يدركها الكثيرين أن ذهاب أشخاص أو ظروف أو اختفاء وضع معين ما هو إلا إفراغ طبيعي لمساحة شاغرة بما هو ليس مفيد إلى ما هو مفيد في الحياة، ولكن هذا بحسب فهم المتمسكين بأشيائهم الباكين على أطلالهم  ما هو إلا ضياع وعذاب وتعذيب، وفي اعتقادهم أن بقاء ما يعذبهم هو رحمة حيث إن إزالته تمثل لهم انتهاء الحياة وفنائها؛ لذا هؤلاء عادة ما يقعون فيمن هم أشد وطئة عليهم ليتركهم عذاب ويصيبهم آخر؛ متسائلين لمَ نتعرض لنفس المواقف حتى باختلاف الأشخاص والأحداث؟ ولمَ الاستغراب فإن كنت راضي بالعذاب فلما لا تتعذب بصمت، وإن كنت لست راضٍ فلمَ قررت الاحتفاظ بشخص يعذبك أو بوظيفة تقهرك أو بموضوع لا جدوى منه يجعلك دائما في ألم، ولمَ تندهش إذا وقعت في نفس الفخ مرات ومرات وهذا لأنك لا تترك بسهولة ولا تتقبل بسهولة ولا تصدق أنه لو كان خيرا لبقي وأن العوض دائما موجود وأن الوفرة أصبحت في كل شيء إلا أن الكثيرين رؤيتهم ضبابية وإدمان الألم ومشاعره جعلهم  غير قادرين على مجابهة الحياة بل وخلق حواجز كثيرة لإيقاف التغيير الواجب حصوله حتى يتغير الحال ويعيشون في دنيا من الأمل تحمل معها سعادتهم ويرون الوفرة الحقيقية فيها بل ويعيشونها أيضا..

أطلق صراح الأشياء واقبلها وأطلق سراح نفسك واسألها..

 هل هذا ما يسعدني حقا؟

هل التمسك بمن لا يتمسك بي سعادة؟

هل ما أنتظره أو أوقف حياتي لأجله يستحق؟

وإن كان يستحق ولم يأتِ هل لا يوجد غيره في الحياة؟

هل انتهت الحياة مع أني هنا وأتنفس؟

 ألا تستوجب حكمة الله بعض التفكير في المنع والعطاء؟!

فكر واكتب إجابتك وتأملها وأمعن النظر فيها، وفي كلمتي الأخيرة أقول: لا تجعل الحياة ضيقة كخندق وهي في الواقع عرض السماوات والأرض خلقها رب كريم رحمته وسعت كل شيء وينتظرك دائما لتعود وتسأله بحب وصدق ليعطيك ....

تدقيق لغوي أ.محمد فواز

Post a Comment

أحدث أقدم