عمان – عمر أبو الهيجاء
مندوبا عن وزيرة الثقافة هيفاء النجار رعى الدكتور نضال العياصرة مدير دائرة المكتبة الوطنية مساء أمس، بالمكتبة الوطنية احتفالية "بيت الشعر" بالمفرق بمناسبة "يوم الشعر العربي واليوم العالمي للشعر"، بحضور مدير البيت السيد فيصل السرحان، بمشاركة شعراء الأمسية الأولى وهم: د. إيمان العمري، علي الفاعوري، عبد الكريم أبو الشيح، د. فريد سرسك، عبد الله حمادة، وعلي أبو بكر، وأدار مفردات الأمسية في الاحتفالية الشاعر والإعلامي إبراهيم السواعير الذي أجاد في التقديم بلغة عالية لا تخلو من الرؤى النقدية، وسوط حضور لافت من الشعراء والمثقفين والاعلاميين والمهتمين، وكما اشتملت الاحتفالية على معرض للمجلات التي تصدرها دائرة الثقافة في حكومة الشارقة.
واستهلت الأمسية الاحتفالية بكلمة ترحيبية لمدير بيت الشعر بالمفرق فيصل السرحان التي شكر فيها وزيرة الثقافة هيفاء النجار للرعاية الكريمة وكما شكر مندوب الوزيرة الدكتور نضال العياصرة، مؤكدا على الشراكة والتعاون والعلاقة الوثيقة ما بين المكتبة الوطنية وبيت الشعر، هذا الذي تأسس ضمن مبادرة صاحب السمو الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم بفتح بيوتات للشعر في الوطن، وإذ نحن نثمن عاليا مبادرته ومبادراته الكثير في رعاية الشعر والإبداع، وها هو البيت أصبح شعلة ومنارة للإبداع، وقد استطاع البيت ومنذ تأسيسه في العام 2015 أن يستقطب من معظم الوطن والشعراء، فتحية للشعراء في يومهم العالمي.
ومن ثم ألقى الدكتورة العياصرة كلمة قال فيها" اننا اليوم ومن هذا الصرح الحضاري الثقافي الذي يحمل إرث الآباء الأجداد، نشارككم ونشارك العالم احتفالاته بيوم الشعر العالمي الذي أعلنته منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة "اليونسكو" عام 1999، وإقامة الفضاء الشعري تأكيدا لبقاء الشعر ديوان العرب وهو روحه ودمه الذي يسري في الدم العربي منذ الأزل، مبينا أن المكتبة الوطنية باعتبارها ذاكرة الوطن وحاضرة تاريخه، تحتفي اليوم باليوم العالمي للشعر من باب واجبها وتقدير للشعراء، وقد خصصت المكتبة نشاطات وأمسيات شعرية تحتفي بالشعر بدعم من وزارة الثقافة والتي تهدف إلى التنوع الثقافي واللغوي والمعرفي.
إلى ذلك كانت القراءة الشعرية للشاعرة الدكتورة إيمان عبد الهادي التي قرأت غير قصيدة مستحضرة في واحدة من قصائدها توجعات وجراحات غزة من خلال قصيدة "سمرقند، الموغلة بعمق المادة التاريخية التي أسقطتها على واقع معيش، ذاهبة بنا "نزهة المشتاق" نص صوفي عرفاني ماتع.
منِ "نُزهةُ المشتاق" نختار منها:
"لديَّ إشارتانِ من ابنِ سينا
ومن غوغولَ "مِعطَفُهُ" البليلُ !
ومن إقبالَ ما نَدَهَتْ سماءٌ
على جِبريلَ وازدُحِمَ القَبولُ
أفكّرُ فيكَ...صوتُ الموتِ أعلى!
خيالُ المَوتِ يا أبتي فَعُولُ
بحلمِ البحرِ: حُوتٌ من رِئاتٍ
بِخاطِرِ غابةِ الأقدامِ: فيــــلُ
ستُدرِكُني المسافاتُ اليتامى
وكيفَ وأنتَ معنايَ الظّليلُ؟
صَحارٍ سوفَ تركضُ في ضميري
ويسلُكُ سيفُها الظمِئُ الصّقيلُ
وتَرشَحُ من تآويلي تِباعاً
نصوصُ الخوفِ والشّغَفُ المَلولُ
على صُدغِ السّماءِ يغيضُ نجمٌ
وتنبتُ أعينٌ رَمداءُ حُوُلُ
مُشوَّهةٌ عيونُ الليلِ... بِيْضٌ !
تُطلُّ على الصّباحِ فيستقيلُ
ألمْ أتبعكَ من موتٍ لموتٍ؟
خُطايَ الجائِعاتُ هيَ المُعيلُ
أرمِّزُ بالحصانِ عن النّوايا
فإنْ أنفذتُها فهي الصّهيلُ
هو الإيماضُ من نجمِ التّجافي
وقوسٌ شاقَهُ السّهمُ الهزيلُ
على المرآةِ كانَ الوقتُ ليلاً
أرى نفسي! أراها... لا تَحولُ".
ومن جهته قرأ الشاعر علي الفاعوري مجموعة من قصائده ومن ديونه "تنويعات على فصل خاص" شاعر يمتلك حسّا شعريا يشدك أثناء قراءته لجماليات اللغة الموظفة بتقنية مدهشة والمفارقة في قفلات القصائد التي لا يتوقعها المتلقي.. شاعر قناص للرؤى
من قصيدته "سندبادٌ بِرَسمِ البيع" نختار منها حيث يقول:
"لا يَسكُن الأرضَ/التّرحالُ يَسكنُهُ /فَتىً يُفتِّشُ عن لَيلى/تُجنِّنُهُ/لَم يُتقِن الماءَ/حتى حين بَلّلَهُ/فكيف إن جَفّت الأسماءُ/يُتقِنُهُ/يُعتِّقُ الوقتَ/موّالاً/وأسئلةً/وليس يدري/لِمَن دُنياهُ تَرهَنُهُ/أغرَتهُ بالرّيحِ أن تلقاهُ طائِعةً /وبالعِصيِّ/على الموتى تُفَرعِنُهُ/وزوّجَتهُ السَّرابَ المَحضَ/مُعتقِدًا /أن الوصولَ إليها/قد يُبَرهِنُهُ/وما درى/أنَّ ثوبَ الفقدِ يلبسُها/وأنَّ ما أفرَحَ النُّسّاكَ/يُحزِنُهُ/وأنَّها/حينَ يَعوي ذئبُ غَضبَتِها/في لحظتينِ/بِرَسمِ البيعِ تُعلِنُهُ/ما طاعِنٌ في هَواها/وهي تعرِفُهُ/إلاّ وسكّينُها الموقوتُ/يَطعَنُهُ/مُعَذَّبٌ/كادَ يُفشي سِرَّ مَقتَلِهِ".
أما الشاعر عبد الكريم أبو الشيح شارك بغير قصيدة أستذكر في قراءته الشاعر الشنفرى برؤية جديدة وتصوير عال في قول الشعر، مسافر بنا إلى أباريق التي تقطر شعرا شفافا يخلد في الذاكرة.
ومما قرأ نقتطف من قصيدته "أباريق الكلام" حيث يقول:
"وحملتُ إبريق الكلامِ/وطفتُ أملأ منه أقداحَ الندامَى/وأمدُّ أطباقَ المجازِ على كفوفِ المُغرِياتِ من الحِسانِ أمامهمْ/فمِنِ استعاراتٍ بكورٍ/واستعاراتٍ أيامَى/حتّى إذا ثَمِلوا رأوا فيما رأوا/أنَّ العيونَ نوارسٌ/ترقى لتقطفَ/مِن مصابيحِ السماء ضياءها/وترشُّهُ في العالمينَ سلاما/وحملتُ إبريق الكلامِ/وقلتُ أسقي منْ معازفهِ/بناتِ الجنّ كي/يحملْنَ لي/بلقيسَ في هذا المسا/تأتي بلا عرشٍ تسامرني/أسامرها ..أساقيها الغراما/وتعود إن طلع الصباحُ لعرشها/و تكونُ قد/تركتْ لأذكرَها بريقَ الساقِ/والخلخالَ ..لذع قبلةٍ/فتضيئني/حينَ انفراديَ خائفا/من فكرتي/وتضيءُ لي هذا الظّلاما/وحملتُ إبريقَ الكلامِ/سقيتُني/فإذا ثملتُ صنعتُ ندماني/وبلقيسي فلا/ أحدٌ يلومُ ولا على/أحدٍ أنا ألقي ملاما".
أما الشاعر الدكتور فريد سرسك قرأ مجموعة قصائده الإنسانية الوجدانية بلغة لا تحتمل التعقيد ضمن أسلوب السهل الممتنع، وذهبت به الذاكرة إلى أمسية أقامها في الشارقة، وكما استحضر فيها زوجته بقصيدة التي بين الحضور.
والشاعر عبدالله حمادة الذي بلغته الرشيقة وحسه الشعري أخذنا إلى "مذبحة الدوايمة" والمذبحة الأكثر بشاعة في عصرنا الحديث الذي ذهب في أكثر 40 ألفا من الشهداء، يحفر عميقا في اللغة راسما مشهدية للشهداء الذين ينزفون عاليا، ومصورا أن الشهداء والشعراء حين يصعدوا شيء واحد، وقرأ قصيدة غزلية أهداها لخطيبته التي تشارك بالحضوٍر
من "الشهداء: نزفٌ للأعلى" يقول فيها:
"ماْئتين!! /ما هـذا البريق الصـاعدُ؟/الجـوع يـهمي والذهـول مـوائــدُ/ماْئتين!! والأرقـام تـشـبه بـعـضها/لكـنّ بـعـض النـقصِ نـقـصٌ زائــدُ/كـانوا خِـفافاً، /لا كِـــفاءَ لثِــقـلـهم/متناقـصـون وضَـوؤهـم مـتزايـدُ/مـا هـزّهـم قـلقُ الصــعـود/وإنــما/أسـلوبُهم في البـرق أن يتراعدوا!/لولا ذَرَوا فـي الريـح من أسمائهم/ما قال جـذر التـوت "إنيَ صامدُ".
إلى أن يقول فيها: "وذَروا الوداع/فلا المسـافر فـاقدٌ مــن ودّعـــوه/ولا المـودِّع فــاقدُ/ولتـصـعدوا شــهـداءَ أو شــعـراء/فالشهداء والشعراء/شـيء واحدُ!".
واختتم القراءات الشاعر علي أبو بكر الذي قرأ مجموع قصائده الشعرية انسانية ووجدانية عبر دواخل الشاعر واحساسه تجاه الحياة، قصائد تغوص التفاصيل مستحضرا دنكيشوت وغيره.
واختتمت الأمسية بتكريم وزيرة الثقافة بدرع بيت الشعر قدمه السرحان لمندوب الوزيرة د. العياصرة ودرع أخر للدكتور . نضال العياصرة، وكما تم تكريم الشعراء المشاركين بالدروع.
إرسال تعليق