كتبتها الكاتبة رضوى رضا
منذ الصغر ظهرت موهبتها في لوحة صغيرة رسمتها بموهبتها الفطرية وبأنامل شغوفة للبدء والاستمرار، لاحظ أبواها ذلك فعتنيا بها ووفرا لها بيئة رائعة من الأبداع فكان بيتا مليئا بالحب والفن والإبداع إنها الفنانة التشكيلة شيماء فتح الله كيلاني والتي تروي لنا قصتها مع هدفها، وتجيب على الأسئلة التي تجول وتصول لدي كل مبتدئ في أي مجال وهي
هل يمكن الوصول للهدف ؟
هل تقابلنا تحديات في رحلة الوصول؟
كيف يمكننا التعامل معها؟
هل الإنجازات الصغيرة تعتبر مكسب علينا الاحتفال به أم وجب الانتظار حتى نصل للهدف الأساسي؟
وبما أن القصص دائما تحمل لقارئها رسالة فكن مستعد قارئنا العزيز لتلقي رسالتك والإجابة على تساؤلاتك.
في الكويت ولدت شيماء كيلاني لأب وأم متفاهمين محبين زرعوا في قلبها حب الله وحب الناس، وفي بيت يملأئه الحب والدفء الأسري اللطيف كان البيئة الهادئة التي اكتشفت معها حبها للألوان والرسم، وقد أعجب والديها كثيرا بحبها للرسم والألوان خاصة وأنهم كانوا محبين للفن؛ فوالدتها امرأة ذواقة للفن تحب الرسم كثيرا ووالدها كاتب للشعر؛ فنشأت في أسرة فنية شجعتها على الاستمرار بأن وفروا لها الأدوات اللازمة للرسم و المعارف التي تثري ثقافتها الفنية وتصقل موهبتها، وبالأحاديث المستمرة معها عن الحياة والفن والأدب لكي تفهم الحياة وتواصل العمل المستمر على نفسها لإتقان المهارات الفنية في الرسم...
في مصر التحقت شيماء بكلية الفنون التطبيقية - قسم جرافيك ودعاية وإعلان- وكان هذا القسم الأقرب إلى قلبها حيث أنه يجمع ما بين الرسم اليدوي موهبتها والتقنيات الحديثة في الرسم والتصميم كاستخدام الكمبيوتر وغيره من التكنولوجيا الحديثة، وكان هدفها أن تصبح مصمم جرافيك لتجمع الدراسة والموهبة في إناء واحد تستطيع معه مواكبة التطور المستمر في العالم، وأثبتت الفنانة التشكيلية وجود هذا الفن كموهبة متأصلة حينما أنهت دراستها حاصلة على تقدير جيدا جدا مع مرتبة الشرف، ومن هنا بدأت قصة جديدة مفعمة بالأمل والشغف والنشاط بحثا عن العمل في مجال تصميم الجرافيك، وكانت شيماء شغوفة راغبة بكل جوارحها في القيام بالكثير من الأعمال الإبداعية مستعدة لمواجهة التحديات متسلحة بالموهبة والعلم .
في الإمارات بدأت رحلة ما بعد الجامعة فقد تخرجت وسافرت إليها وكلها أمل أن تبدأ حياتها العملية كمصممة جرافيك ولكن هل تمر الأمور دون تحدي؟ وإجابتها " لا تعرضت لعدة تحديات " وجميعنا نتعرض للتحديات لكن القوي هو من يكمل ويجتهد حتى نقطة الوصول ..
وكان أول تحدي هو سوق العمل في مجال تصميم الجرافيك والذي كان محتكرا من قبل الرجال في ذاك الوقت والنساء فيه معدودات وذوات خبرات كبيرة تفتقدها شيماء أنذاك كونها خريجة جديدة تسعى لعمل خبرة كبيرة. ثم واجهها التحدي الثاني حينما ولدت طفلتها الأولى والتي معها كان صعب الالتحاق بأي عمل ولم يكن لديها من تئتمنه لتضع رضيعتها عنده وهنا ندرك أن الاغتراب بقدر ما يعطي أشياء يسلب منا أشياء أخرى؛ فوجود الأهل في نفس المكان كثيرا ما يساند ويدعم الإنسان وللأسف لم يكن معها أحد منهم؛ فكانت المسؤلية الكبرى في رعاية طفلتها تقع على عاتقها - ولم يكن يوما مستحيلا أن تنجح النساء في ظل ممارسة أمومتهن ولكنه صعب ويحتاج للكثير من المجهود والصبر وترتيب الوقت والأولويات - وعدا ذلك ستواجه هذه الأم ما وجهته الفنانة التشكيلية شيماء من إحباط حطم داخلها ذلك الأمل في الحصول على العمل الذي تمنت وجعل حلمها يتأجل لأعوام أفاقت بعدها لتسأل نفسها لما وجد التحدي؟
وكانت الإجابة لمواجهته وتخطيه ليكون حافزا لمواجهة التحدي التالي؛ وأدركت أن عليها التحرك واتخاذ خطوة في اتجاه جديد مُتذكرة أنه ربما علينا تعلم شيئا قبل الوصول للهدف الكبير ومن هنا انطلقت شيماء لتعلم الخط العربي والذي وجدت له شهرة ووفرة في الشارقة؛ فسجلت في جمعية الخط والزخرفة الإسلامية لتصبح عضوة فيها وسجلت في مدرسة وبدأت دراسة الخط العربي لمدة أربع سنوات اتقنت خلالهم الخط الديواني والجل الديواني، ومن هنا استطاعت المشاركة في أولى المعارض الطلابية التابعة لمدرسة الخط لتشارك بأول لوحة انجزتها بالخط العربي كتبتها بالخط الديواني وكانت لقصيدة - والله ما طلعت شمسا ولا غربت إلا وكان حبك مقرونا بأنفاسي – وقد تلقت عليها تكريم وعنه قالت " هذا التكريم جعلني أشعر بأني إنسان منجز منتج جعلني أشعر بطعم جديد للحياة"؛ فالإنجاز ولو كان صغيرا يحدث فارقاَ.
واستمرت شيماء في طريقها تتعلم وتفكر مستثمرة كل ما تعلمته وكل أفكارها لإنتاج اعمال فنية جديدة في لوحات مزجت فيها الفن التشكيلي بالخط العربي بخبرات معرفية جديدة، وانضمت الفنانة شيماء لمجموعة "للفنون عنوان" تلك المجموعة التي تصفها بعائلتها حيث تشاركت معهم الاهتمام بالفن والدعم الدائم فيما بين الفنانين، ومن خلال هذه المجموعة شاركت في معرض جامعة عجمان – الإمارات بأولى لوحاتها الفنية وكانت عن قاع البحر حيث مزجت فيها الفن الجرافيكي بالطباعة وتم تكريمها على هذه اللوحة وتقول عن هذه المشاركة "إنها المشاركة الأولى لي بلوحة في معرض وقد جعلتني أتأكد أن الأحلام تتحقق بالفعل"
وتجلى الحلم مرة أخرى في سماء الفنانة التشكيلية شيماء لتعاود البحث من جديد عن العمل كمصممة جرافيك؛ فبدأت بعمل تصميمات ملهمة مستخدمة المزج بين الخط العربي والفن التشكيلي لتعلن عن عملها من خلالهم في مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بها، ومن لا متابعين أصبح لديها عدد لا بأس به يتفاعلون معها وتتفاعل معهم بالإضافة لعملها كمدرس تربية فنيه والذي ألهمها بفكرة جديدة وهي تعليم الرسم الحر للأطفال فأعلنت عن ورش الرسم الحر للأطفال، وللأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال ورش تفاعلية، وبالفعل نفذت فكرتها لتواجه تجربة جديدة ممتعة ورائعة حيث وجدت استجابة وطاقة ابداعية عالية وجميلة جعلتها تكتشف في نفسها جانب جديد ليس فقط قادرا على العمل بالفن بل وتعليمه ايضا؛ وبما أن الأفكار تولد أفكار؛ جعلتها ورش الأطفال تفكر في الفن كعلاج لذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم ممن يحتاجون طرق خاصة للعلاج؛ فكان قرارها لدراسة العلاج بالفن وهي دراسة تهدي لتعلم كيفية تقديم المساعدة والعلاج الحسي من خلال الفن.
والآن وقد تخطت بطلة قصتنا أهم تحدي وهو الدخول في طريق الرحلة ثم تخطت التحدي الأكثر خطرًا وهو الاستمرارية في الطريق للوصول للهدف الكبير، ومن بعدهم تحديات أخرى جعلتها تكتشف في شخصيتها وموهبتها جوانب جديدة جميلة ورائعة جعلتها تتمكن أكثر من أدواتها لتكمل الطريق مشاركة في عدة معارض وورش فنية منها معرض عيدالاتحاد في المجلس الأعلى للأسرة – المكتب الإعلامي ، معرض أيام بيكاسو في مكتبة محمد بن راشد – دبي، كرنفال الفنون الجميلة جامعة عجمان، المعرض التشكيلي للفنون أرتايو فندق بولمان الشارقة وغيرهم.
ولم تنتهي الرحلة بل بدأت لذا أخبرتنا الفنانة التشكيلية شيماء كيلاني أنها ستبقى مستمرة في السعي حتى تحقق طموحاتها الكبيرة في الفن والحياة مستعينة أولا بطاقة الموهبة والإبداع لديها وثانيا بمبدأ اتخذته في رحلتها وودت إطلاعنا عليه وهو " قوي نفسك بنفسك واعتمد على الله واجعل طموحك نصب عينيك وكن صاحب رسالة حتى تكون صاحب نجاح " وثالثا التمسك بالتفاؤل أن كل يوم جديد هو فرصة من الله لتحقيق طموح أو نجاح جديد يضيف لصاحبه، وأخيرا تؤمن أن الإنسان محاط بدائرة من الناس عليه فيها أداء مسؤولياته بحب دون أن ينسى مسؤوليته تجاه أهدافه.
شكرا للفنانة التشكيلية شيماء كيلاني التي أطلعتنا على أسرارها في رحلة الوصول للهدف وأرجو لها مزيدا من النجاح والتوفيق
إرسال تعليق