زواجٌ أطرشُ (٢)

  


الأديبة حنان سراي الدين 

    أنا وانتَ ولا حَدّ تالتنا


  عندما استيقظْتُ لمْ تكُنْ إلى جانبي، لكنّي لمْ أهتمّْ، بقيتُ ممدّدةً على السّريرِ ،أنتَ تعلمُ أنّي أُحِبُّ النّومَ، وأَصْحو على مَهَلٍ ..


 كان صوتُ فيروزَ يصلُ سمْعي ، ثمَّ أقبلتَ عليَّ، وأنت تحملُ فنجانَيْ قهوةٍ، قلتَ: تفضّلي، اليومَ أنا أعدَدْتُها، ومنذُ الغدِّ ستتولّينَ إعدادَها.(نبتسمُ).و أضفْتَ:" أنا أعلمُ أنَّ القهوةَ ليستْ مشروبَكِ المُفضَّلَ" ..

نعم، القهوةُ وسيجارتُك، وفيروزُ هُمُ طَقْسُكَ أنتَ، لا طقسي أنا..(قلتُ في نفسي)..


  مَرَّ الوقتُ بطيئاً بالنّسبةِ لي، لأنّني أردتُ الهروبَ مِمّا لابُدَّ منه، بينما أنتَ ما تَنْفكُّ تُلاطِفُني، وتتغزّلُ بي، وتَتَقرّبُ مِنّي..ثُمَّ اقترحْتَ أنْ نتناولَ فَطوراً خفيفاً، لأَنّني لا أتناولُ الفطورَ التّقليديّ.

جلستُ إلى المائدةِ مِنْ بابِ الإيتيكيت ِ والّلباقةِ، وعندما انتهيتُ دخلتُ الحمّامَ لأُنظّفَ أسناني، فتَبِعتَني، وقفْتَ على البابِ تراقِبُني.. كُنتَ تأكُلُني بعيونِكَ، وكأنّ طعامَ الفَطورِ كان مُقبّلاتٍ لوجبتِكَ الرئيسةِ(أنا) ....

 كنتُ أَنظرُ إليكَ في المرآةِ، "لماذا تبِعَني؟ ماذا يُريدُ؟"، كُنتُ أسألُ نفسي وأنا أعلمُ الإجابةَ..


  أردْتُ الخروجَ، لكنّك لَمْ تتزحزحْ عنِ البابِ، أردْتَ مُناغَشَتي، و مُشاغَبتي، ثُمَّ حضَنْتَني بقُوّةٍ، وقلتَ: "أنا وانتَ ولا حَدّ تالتنا، أنا وانتَ،أنا وانتَ وبسّ"..

 "طيٍّبْ، خلصْ ..اُترُكني" ..كنتُ أقولُ في نفسي..

و أَبْعَدْتُكَ عنّي بلُطفٍ، واضِعةً يدي على صدرِكَ..لم أَجرؤْ النّظرَ في عيونِكَ ..


   غيّرتُ ملابسي، و رُحتُ أجولُ في البيتِ الجديدِ .

 وقفْتُ في الرّكنِ الأَحبِّ إليكَ، أمامَ مُقْتنياتِكَ الأثريّةِ، الّتي - وكما أَخْبرْتني- أَنْفَقْتَ عليها نِصفَ ما تملُكُ ..

كنتَ تقفُ أمامي، تَحْضِنُني مُتأرْجِحاً، ولسانُكَ يشرَحُ حالَكَ: " أنا وانتَ ولا حَدّ تالتنا، أنا وانتَ، أنا وانتي وبسّ" ..هذه المرّة قلتَ: "انتي" ..

نعم..لا أحدَ ثالثُنا، لكنّ شيطانَ الحُبِّ سيحضُر حالاً ..

يبدو أنّه الأمرُ الواقعُ الذي يفرُضُ نفسَهُ ..

وهناكَ أوّلُ مَرّةٍ لكُلِّ عادةٍ ..


نسجٌ من الخيال الواقعيّ ..


Post a Comment

أحدث أقدم