عمان – عمر أبو الهيجاء
نظم "بيت الشعر" في الشارقة، أمسية شعرية مساء أمس، شاركت فيها تجارب شعرية عربية مميزة، صدحت بأنغام قوافيها على منصة بيت الشعر بالشارقة، وأطربت جمهورها.
شارك في الأمسية التي جاءت ضمن فعاليات منتدى الثلاثاء، كل من الشعراء: السوري فاتح البيوش، السودانية آية وهبي، والمصري عبد الرحمن عكاشة، وأدار مفرداتها الدكتور محمد بشير الأحمد، بحضور الشاعر محمد عبد الله البريكي، مدير البيت، وعدد من الوجوه الأدبية والأكاديمية، من شعراء ونقاد، كما حضرها جمهور غفير اكتظت به قاعة البيت، وكان تفاعله مع القصائد والشعراء لافتا.
بدأت الأمسية، بتقديم الدكتور محمد بشير الأحمد، الذي رفع آيات الشكر لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على رعايته للقصيدة والهوية والأخلاق العربية، كما أثنى على بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة لدعمه الإبداع والمبدعين، وأشاد بالنجاحات التي حققها هذا المشروع الرائد، وقال "إن الشعر هو ما يفتح الآفاق المتجددة ويختصر المسافات بين الماضي والحاضر".
افتتحت القراءات الشعرية، بالشاعر السوري فاتح البيوش، الذي ألقى قصيدة غزلية بعنوان "تسكع الكحل"، جاءت مشحونة بعاطفة رقيقة مغزولة من الحب والشوق والمشاعر الجياشة، فقال:
"نزفتْ على غصن الغيابِ الأدمُعُ
وتوسَّدتْ بردَ الرصيفِ الأضلُعُ
وتناهبتْ أمنَ الفؤادِ عيونُها
والكحلُ في أهدابها يتسكعُ
صِرْتُ المشرَّدَ في مدائن عشقها
وعلى مفارقِ حبِّها أتوزَّعُ
وأنا الغريبُ كنورسٍ عَبَرَ المدى
وبلادُهُ في صدره تتوجَّعُ".
كما قدم البيوش نصا بعنوان "هل سمعت نداءها؟"، استحضر فيه الشام وجمالها وحنينه إليها، ضمن أبيات تفيض بالحزن والغربة، فقال:
"قالوا الشآمَ فعرَّشتْ نسماتُها
كالياسمينِ إذا تَجَرَّعَ ماءَها
للياسمينِ لغاتُهُ وبيانُه
ومناسكٌ نسجتْ لها أفياءَها
فيها يطيلُ العطرُ وقفتَهُ وكم
غنى وردّدَ عطرُها أسماءَها".
أما الشاعرة آية وهبي، فقد قرأت نصوصا ذات طابع إنساني، وقدمت عبر نص "يمشي وحيدا" رؤية عميقة لمظاهر الوجود البشري، ولما يستوجب الوقوف بتأمل فيها، حول أهمية الطباع والأخلاق والقيم، فقالت:
"صبراً ؛ فإنك في الحالينِ ممتحنٌ
لا يُكتبُ الفوزُ إلا للذي صبَرا
كنْ طيفَ حبٍّ وأشرقْ في المدى قيَماً
نوراً على الأرضِ يَهديْ ضوؤه البشرَا
الناسُ بالنَّاسِ لا الشكوىْ تنفِّرهم
ولا غروركَ يدنيْهم ولو كثرَا
غداً ستحتاجهمْ ؛ فالعمرُ مرتحلٌ ..
ماذا يفيدكَ لوْ قدْ جئتَ معتذرَا؟".
وجاء نصها الثاني في نفس السياق، تحت عنوان " كف العطايا"، إذ تمحورت صوره حول ضرورة شكر الإنسان لله، وتحليه بالطيبة والخلق الكريم، فقالت:
"واشكرْ صنيعَ إلهِ الكونِ فيْ أدبٍ
فأمرهُ بينَ حرفِ الكافِ والنونِ
كمْ نعمةٍ أهملتها عينُ صاحبِها
ولَّتْ ولو كانَ فيها غيرَ مغبونِ
عشْ محسناً طيبَ الأخلاقِ ذا كرمٍ
للناسِ للأرضِ للأنعامِ للطينِ
وارحلْ وكلُّ الذي خلفتَ من أثرٍ
خيراً على الأرضِ فيْ كلِّ الميادينِ".
وفي الختام، ألقى الشاعر عبد الرحمن عكاشة، نصوصا تنوعت بين الغزل والرثاء، فقدم صورا عاطفية صوّر فيها حال العشاق ومآسيهم، ومما جاء فيها:
"للعشقِ أفئدةٌ تجرجرُ ذيلَها
جرحى وليلٌ سهدُه أشعارُ
ولرُبَّ قلبٍ يا هُنيدةُ خِلْتِهِ
صلدًا ومنهُ تفجرَتْ أنهارُ
ما كلُّ شيءٍ في الحقيقةِ حالُهُ
يبدُو عليه فبعضُنا أحرارُ
الحبُ مأساةٌ بألفِ روايةٍ
وعلى المسارحِ كلُّنا أدوارُ".
كما قدم قصيدة أخرى تندرج ضمن غرض الرثاء، تحدث فيها عن اليتم وغياب الأب، وعن ذلك الحزن الخفي الذي يعيشه من فقد والده وحرم من حنانه ودعمه، فقال:
"مِن أجل حزنيَ هامَ الحبرُ والورقُ
لمِن سأشكُو إذا ما هدَّني الأرقُ
لكلِّ شخصٌ أبٌ إنْ مسَّه قدرٌ
ولي مع القدرِ الأسقامُ والقلقُ
ما كانَ أحوجَني حِبي إليكَ هُنا
لمَّا أضعتُ الخطى واختارني الغرقُ
رحلتَ دون وداعٍ أو معانقةٍ
أخلتَ أنِّي سأنسى؟ لا، سأحترقُ
هذا الحنينُ الذي أودعتَه رئتِي
هذي الطفولةُ فيما بيننا عبقُ".
وفي نهاية الأمسية المميزة التي استمتع بها الحاضرون، كرّم الشاعر محمد البريكي الشعراء ومقدم الأمسية، وتم توزيع شهادات التكريم.
إرسال تعليق