بقلم :غلاء أنس
كتاب مُهم يتناول حياة المثقف السوري وصاحب الحزب القومي "أنطوان سعادة"، ومبادئ الحزب ورؤاه التي قاومتها الأحزاب وأجهضت محاولات تطبيقها منذ البداية.
اللافت في هذا الكتاب طرحه بعض التساؤلات الهامة، فإن كان المجتمع العربي قادراً على إنجاب نُخب ثقافية تقوده وتوجه بوصلته إلى الأفضل، فلماذا لا يصل هؤلاء إلى الحكم ولا يُمنحون الفرصة للحكم لبضع سنين؟
هناك العديد من الحيثيات المتعلقة بهذه المسألة، ولكنني أرى أهمها البنية الاجتماعية العربية، والتي يُعد فيها ظهور المثقف أمراً جللاً يلفت الانتباه، رغم أن الطبيعة الإنسانية تقتضي البحث ونيل المعارف وتحصيلها والتفكير المستمر في الأفضل، إلا أن طبيعة المجتمعات العربية آنذاك، وربما حتى اليوم، تعاني من مشاكل ومعضلات لم تستطع تجاوزها، فالنظام الذكوري والأبوي الذي يحتكر السلطة، وحرمان المرأة من المناصب الهامة والقيادية والرئاسة، والتيار الديني المتطرف الممتزج بالرغبات والأهواء المريضة، لا يدلُّ على جاهزية المجتمع لتقبِّل خطاب المثقفين والتعامل معه بعقلانية وحوارية هادفة.
إن الجهل بالمصلحة العامة وبسير الأمور وبأحداث التاريخ والطبائع الإنسانية يغلِّب حكم العاطفة على الأمور، ويسهل انقياد المرء خلف الشائعات والأقاويل اللامنطقية، وبمعنى آخر، فقبل أن تكون المشكلة في ساستنا، فإنها فينا وفي طبائعنا.
ورغم أن هذا الحديث يتعلق بأحداث مرَّ عليها قرابة المئة عام، إلا أن طبيعة المجتمع العربي اليوم لم تختلف كثيراً، إننا نُنجب أنفسنا باستمرارية غريبة ومُملة، تستنزفنا حتى الرمق الأخير.
إرسال تعليق