ما بعد الغياب



 الشاعرة خوله أحمد إمام / القدس الشريف

أيها الهدهد العائد 

من خلف الظلال

من بعيد ... من هناك

ما بعد المسافات الغريبة

من خلف الأفق المنسي

من جنوب أو شمال 

لست أدري 

أشروق أم غروب كانت وجهتك

عاندتك الريح أم ساعدتك 

في رحلتك 

هل أدركت مقاصدك 

أم التبوءة كانت مضللة  

الأماكن كلها لم تقبلك 

بقيت وحيدا ... مثقلا بالتعب

تلتحف حزنك القمري 

تزدردغصتك المرة كالقهوة

على رصيف الاشتياق 

تفر منك دمعتك 

تمسحها بكسرة التعب 

أيها الهدهد ... 

هل كانت الأطيار صديقتك

المحطات احتضنتك 

أم غلقت الأبواب دونك 

الموانئ عبست أمامك

الموج أحكم عليك قبضته 

العاصفة شردتك 

بلا دليل ... كبحار بلا شراع 

بلا زاد... بلا منار 

صارعت أشباح البؤس 

الشواطئ أنكرتك 

خيرتك بين الموت والنسيان

بين الطاعة والعصيان

أن تكون أسير التيه والحرمان

أما اكتفيت من الغياب 

عصي أنت على الأحزان 

ما رضيت بالهوان 

عائد بلا حقيبة 

كالنوارس تبحث عن شاطئك

الذي غادرت عنه بلا وداع 

كم ناداك ... كم رجاك

وأنت ... تصم السمع والآذان 

أخبرني ... أيها الهدهد 

هل اكتفيت ...

أم لا زالت المسافات البعيدة 

تستهويك ... تراودك كما طيف حورية 

هي كالسراب ... ما إن تصل 

تغدو فراغا... كالعدم 

تلقيك في جب الضياع

لا تنتظر

لن تمر القافلة 

لن يلقوا إليك بالدلو 

ستصرخ ... لن يسمعوك 

تستجدي الصفح والغفران 

كفاك هذيانا 

ستنسى ... كأن لم تكن 

أترى أدركت غايتك 

أم تلاشيت كذرات في سراديب التيه

بلا عنوان ! 

أيها الهدهد 

بالله عليك عد إلى غادةالأوطان 

ألق عصاك .. وكلك شوق رحال

كن فارسا... يعيد الحلم للأجفان 



Post a Comment

أحدث أقدم