الكاتبة رؤى ناصر
أيعقل أن تصبح عاقراً في شبابها؟ أم أنها تشاركني ظلمتي بينما أشاركها الحداد على أمها..
لم يمضِ عام على إقتطاع الحياة منها وإنقطاع حياتها منّا.
سلّطني جدّي عليها وأوصاها سراً أن ترعاني، بعد أن يغدو نجماً.
صرت ألاحق تجاعيدها بأصابعي فأتذكر يديه الخشنتين.
أظن أنها أبنته، لا أجد تفسيراً آخر لذلك الشبه الغريب بينها وبين جدّي العملاق الكريم!
في كل مرة كنت اتفحصها بعيناي الحالمتان، أتساءل متى ستصل إلى السماء؟
لم أحصِ المرات التي مهدت فيها طرقاتها العشوائية التي حملتها من أجلي فوق جذعها.
وبعد أن أفضيت لها أسراري، توقعت منها أن تحبسها في صندوق تغرسه في جوفها، لكنها أبت ذلك وخطّت منها طريقاً ثابتاً.
حاكت من الربيع عيونا تراقب خطواتي بحرص.
كبرت وتقبلت أن جميع محاولاتي بأن تلتقي يداي حين أحضنها مصيرها الفشل.
ربما لأن صدرها أوسع من صدري!
أو بسبب خاصرتها التي جمّعت السنوات مطويات، كإمرأة عربية أصيلة، اكتنزت الخيرات بين إنحناءاتها فصنعت كواكب ومدارات.
أما انا..
صرت أتسلق على أكتافها لألتقط السنين وأصنع كوكباً ومداراً مثلها من أجلي.
لطالما غبت في متاهات الحياة ثم وجدت الطريق لأعود إليها.
ومع كل عودة أحاول إخفاء التعب، إلّا أنَّ وجهي الواشي كان يحتفظ دوماً بما خلفتّه الشمس وراءها ليكشف أمري.
لكن سباقاتي اليومية مع الضوء لأجتمع معها مجدداً تحت سقف البيت، لم تكن يوماً رشيقة.
فشلت مرة أخرى، ووجدت أني سلحفاة واضحة والوقت ضوء شفاف وسريع.
وصل دون أن ألحظه.
وعندما وصلت إلى فم الطريق.. وجدت البيت أبكما.
شعرت حينها بأن الترحيب تلاشى من الوجود.
وعلمت أن الحلم سرقها وسرقني وأن الطموح جشع.
سقطت أميرة الأشجار في نوم أبدي وتحررت من بين أحشائها رائحة الطيب.. رائحة جدّي المضيء.
#قصة_قصيرة
إرسال تعليق