محطات سيميائية في فن الكاريكاتير الإعلامي الرقمي

     


     إصدار جديد في عالم فن الكاريكاتير الرقمي للباحثة مريم غسان المصري الصادر عن دار "دجلة ناشرون وموزعون".


     صدر حديثًا عن دار "دجلة ناشرون وموزعون" في الأردن، الكتاب المتخصص في المنهج السيميائي "محطات سيميائية في فن الكاريكاتير الإعلامي الرقمي للأستاذة الباحثة مريم غسان المصري، وهو يجمع بين جانبي فن الكاريكاتير، والإعلام في العصر الحديث؛ لأنهما يتفقان في أداء رسالتيهما في توعية المجتمع بمختلف المشاكل التي يمر بها، والأزمات سواءً أكانت سياسية، أو دينية، أو اقتصادية... إلخ؛ إذ يتعالق هدف الإعلام مع هدف فن الكاريكاتير في أن الإعلام يعمل على التعريف بقضايا العصر وبمشاكله، وكيفية معالجة هذه القضايا والتعامل معها، وذلك بغرض التنوير، والتثقيف، ونشر الأخبار والمعلومات التي تناسب عقول الناس، فترفع من مستواهم، وتنشر تعاونهم مع نظام معين من أجل مصلحة ذلك النظام.

       تعتمد الباحثة في كتابها على الصورة الكاريكاتيرية الإعلامية البلاغية بوصفها انزياحات تعبيرية تؤثر في المتلقي؛ لأنها تحمل شحنات إيحائية بعباراتها، وألوانها، وخطوطها، وأشكالها؛ إذ شكلت الصورة فضاءً مفتوحًا على كل التأويلات، فهي تقوم على الإغراء والإغواء، تتم عبر توليد الدلالات، تجعل المتلقي يفكك شفراتها من خلال وضعه شبكة منهجية معرفية ثقافية متكئًا على كفاءته التأويلية، وقدرته.

     وجاء تقسيم الباحثة لكتابها في ثلاثة فصول وتمهيد؛ إذ عرضت في التمهيد ظهور فن الكاريكاتير وتطوره، والذي شمل الحديث عن تأصيل الفن في الهوية التاريخية، ومفهوم الفن الكاريكاتيري، ونشأة الفن الكاريكاتيري، وعلاقة الكاريكاتير بالإعلام الرقمي، وتفاعل المتلقي بجينات فن الكاريكاتير الدلالية.

     ورصدت في الفصل الأول المرجعيات الثقافية في صورة الكاريكاتير خاصة المرجعيات: الدينية، والأدبية، والشعبية (التراثية)، والتاريخية، والتقنية، وتشكل هذه المرجعيات جينات لغوية تسهم في رصد البؤر الدلالية، وبيان جمالية التناص الأسلوبية بين نص حاضر ونص غائب (مضمر) للصورة؛ إذ تسهم العلاقة بين النصوص اللفظية اللغوية في خلق جينات دلالية تمتزج مع الفضاء البصري للصورة الكاريكاتيرية؛ لأن العلاقة بين النصوص تقوم على الامتصاص والتحوير بما يخدم فكرة راسمها، وتكشف الدراسة عن الجينات الرمزية التي تتخلق في فضاء الصور الكاريكاتيرية يجسده نص مذاب (غائب) تدل عليه عناقيد الصورة الرمزية وربط ذلك بسياق الواقع الحاضر مع واقع ماضٍ يعاينه متلقِ الصورة. 

    وخصصت الباحثة المصري الفصل الثاني حول تجليات حضور المرأة في صور الكاريكاتير الرقمية بوصفها رمزًا يعبر عن المقاومة، والصمود، والثبات؛ للكشف عن الحقول الستة التي توزعت على مباحث الدراسة، فالمبحث الأول يرصد الحقل الاجتماعي، والمبحث الثاني: الحقل السياسي (الوطني)، والمبحث الثالث: الحقل الديني، والمبحث الرابع: الحقل التاريخي، والمبحث الخامس: الحقل التعليمي، والحقل السادس: الحقل الفكاهي؛ لأن قضايا المرأة أضحت باعثًا مهمًا وشرارةً للدفاع عنها انطلاقًا من النظرة الدونية والسلبية الموجهة إليها في مجتمعاتنا العربية، وتمييز الرجل في هذه المجتمعات عن المرأة في كثير من جوانب الحياة المختلفة التعليمية، والدينية، والاجتماعية وغيرها؛ إذ تتعرض المرأة لعدة مشاكل من الممكن أن تواجهها في مجتمعها كالتنمر، والتحرش، والعنف، وزواج القاصرات.

    وعاينت في الفصل الثالث حزمة من الرموز الموظفة في صور الكاريكاتير؛ إذ توضح عددًا من الأيقونات الرمزية المشتركة بين فضاء الصور التي احتوتها في مباحثه العشرة، وهي: الأفعى، وقنينة الحليب، والبحر، والقلم، والأزهار والورود، والألعاب، وهلال رمضان، وخارطة فلسطين، والمفتاح، والساعة بوصفها رموزًا مبنية على أسس جمالية وفنية فكرية تشير إلى مضمون معين، وتأثيرها الخاص في طريقة إنتاج المعنى داخل الرسوم الكاريكاتيرية المختلفة، فالرمز هو من الركائز المهمة التي تبنى عليها الصورة الكاريكاتيرية، وقدرته على التأثير في متلقيها. على فهم علاماتها البصرية واللغوية؛ لاصطياد عناقيدها الدلالية. 


 #الصورة الكاريكاتيرية على صفحة الغلاف للفنان علاء اللقطة

 #تصميم: محمد خضير


Post a Comment

أحدث أقدم