الدكتورة حنان شريف القبج
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الوعد الأمين. .
في البداية تتعدد الحكايا وتتشعب مع الذكريات
ذكريات وقصص العائلات والبلدات القديمة.
البلدات الفلسطينية الجميلة البداية كانت في طولكرم وبالتحديد ببلدة عنبتا وهي من والدي ذاك الرجل العصامي العزيز في قومه والأب الذي نشأنا في كنفه علّمنا القيم والأخلاق وحب العلم والمعرفة وبنى فينا الطموح والعمل على الوصول للقمة ،ولم لا فهو المعلم والأب ورجل السياسة يمسك بدفتيَّ العلم والعمل العام
أتاحة الفرصة ليَّ شكركم لا للتحدث عن والدي وأنا والله لأشعر بالفخر والاعتزاز أنني إبنة الأستاذ شريف القبج الذي وإن كان والدي فإنه والد الكثيرين غيري ممن عرفوه أو عايشوه ، واعتبروه بحق أب روحيا لهم ... وهم بحمد الله كثر ،وأنا اليوم في حيرة هل أخاطب الأستاذ المعلم أو صاحب المباديء والقيم التي غرسها فيَّ وفيه أخوتي وفي الكثيرين ممن حالفهم الحظ وتلقوا العلم والمباديء على يدي.
لقد كان الوالد لا أقول يكره الشهرة وإنما كان يتجنبها وكما قيل فإن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن .. فقد وصلت شهرته إلى آفاق لم يكن يتوقعها..سواء في اللاذقية أو دمشق حيث كان مدرسا ومعلماً ...
وفي فلسطين في الرملة التي كان أول مدير لمدرستها ...
و قلقيليه أو طولكرم .... حتى أصبحت مقولة تعرف البلدان بأهلها ... ولا يعرف الأشخاص من خلال بلادهم .... فأنت عندما تذكر شريف القبج رأسا يقولون لك هل أنت من عنبتا أو طولكرم ... وهكذا كان هذا العصامي الذي ضرب به المثل للعصاميَّة حيث انتقل من متقاعد إلى قبة البرلمان الأردني حيث كانت كلماته مضرب المثل لعبقريته وسعة أفقه ومعلوماته.
لكل إنسان دور يقوم به ...ولكنَّ هنالك من لهم أدوار عدة في مسيرة الحياة للقيام بها ... هؤلاء من يطلق عليهم البنا
العصامين في حياتهم حيث هدفهم منذ البداية أن يصلوا .....والبقاء في القمة ... ليس الوصول فقط ، بل بلوغ القمة.
وبعض هؤلاء هم الذين يرفضونك و ونهم رقم فقط
في هذا المجتمع حيث يرسم لهم ذلك ... لكن أصحاب الهمم العالية فإنهم يعملون بكل الوسائل أن يكون لأولادهم وأحفادهم نفس الطموح نفس العصامية …
من هنا وفي ظروف صعبة جدا
وخاصة بعد إحتلال إسرائيل واغتصابها للأرض الفلسطينية
استطاع والدي أربعة أن يعلم من أولاده في الجامعة وخاصة الجامعات المعروفة سواء في الأردن
أو مصر أو المملكة المتحدة (بريطانيا ) من هنا كانت هوية
شريف القبج أبو مازن ... التي كتبها بخط يده ولم يكتبها له أحد
وهنا لا بد أن أقول أنني من خلاله عرفت نفسي ... وتعلمت منه الكثير الكثير فله الرحمة
والغفران من الله سبحانه وتعالى . وفي هذا المجال لا بد لي من ذكر من شاركته حياته وقضت بجانبه ما يزيد عن أربعين عاما
قضتها في سلك التربية والتعليم في الطفيلة حيث كانت البداية وفي طولكرم حيث ارتقت للرفيق الأعلى .
إن الوالد وإن كان له الفضل الأول في احتضان والدته لمدة تزيد عن الأربعين عاما مفاخرا بها أمام كل من عرفوه ... لكن شريكة حياته كانت تشجعه وبحق على ذلك لأنها عاشت فترتين من حياتها حيث انتقلت من الرملة حيث القصور والثراء والجاه إلى دمشق بعد الهجرة لتعيش في
بيوت الأيجار مع والدها وإخوتها ... لا يملكون من المال الا ما يسد حاجتهم بعد العز والمال الوفير …
إن من وقفت في الصفوف مدة تزيد على الثلاثين عاما
وتذهب للمدرسة صباحا مساءا
وترعى عائلة مكونة من أكثر من عشرة أشخاص وزوجة رجل مشهور يلجأ اليه كل القرى... إضافة إلى الضيوف من عليَّ
المحيطة إما لقضاء حاجة أو مساعدة حقاة القوم ...
تستحق أن ترفع لها القبعة إجلالا وإكراما ومهما كتبت وقلت أجدني مقصرة في حقها وما يعزيني أنني حيث ذهبت أجد من تحدثني عنها وعن طيب أصلها و
حسن أعمالها ... أعود فأقول تحية خالصة لمن كان السبب في إعادة الذكريات لي وإن كانت ذكرياتي محفورة في القلب حيث لا انساها أبدا ذكريات تأخذني
الى ماقبل وجودي حيث كنت أسمع هذه الحكايا من والدتي ،حكاية وطن حيث رغد العيش فيه والطمأنينة تغير كل شيء بإحتلال بريطانيا العظمى لبلادنا وكيف تمخض ذلك على بذل الجهود لغرس الوجود اليهودي في فلسطين الحبيبة ،وتمر الأيام حتى حدوث تلك
الأحداث الدموية البغيضة من قتل وتشريد التي أندت جباه العز والكرامة في يوم النكبة
،،وكان ماكان من لجوء الأسر الفلسطينية وتشريدها إلى شتى البلاد حيث أن والدتي هاجرت
وسرق الوطن ..... مع أسرتها إلى دمشق، تركوا الأرض والقصور والبيوت والحياة البادخة وتشتت الشعب في كل مكان وفي دمشق الفيحاء تعرف والدي على والدتي بسرد درامي لفتاة في أقسى الظروف فتاة كانت
تعيش حياة مرفهة رغيدة العيش إلى لاجئة ف
ي مدينة أخرى ،، ما أصعب الحياة حين تضطرنا
إلى التكيف لحاضر أليم وظروف صعبة.
بحلول النكبة وتشرد الآف الفلسطينين وبعد انتقلت والدتي مع والدها وعائلتها شاء القدر أن تتعارف العائلة على استاذ إسمه شريف القبج في دمشق وهو والدي ومثلي الأعلى بدأ حياته معلما في مدينة الرملة. حيث أن السعيد
السعيد من يكون موظفا في مدينة الرملة، حيث يتعرف إلى المجتمع الراقي هناك، حيث كان الموظف محفوظ المقام والجاه وينظر إليه نظرة إحترام وتقدير كبيرين. أقول إلتقى السيد شريف القبج الوالد العظيم الذي أكن له كل محبة وتقدير تفوق عقلية طفلة في مقتبل العمر التي هي أنا.
وكان الأستاذ شريف القبج قد فقد زوجته وله من الأولاد ما يقارب عدد أصابع اليد، مما جعله يجروء على أن يطلب يد والدتي من والدها الذي ينطبق عليه المثل {ارحموا عزيز قوم ذل} وافقت والدتي على الإقتران بوالدي هل هو
الأعجاب بشخصية شريف القبج الشاب أو
وسامته أو عقله المستنير وعلمه وثقافته، فهو ذاك الرجل العصامي المتحدث اللبق الذي يبهر من يحدثه ويملك شغاف قلب من يجالسه ويؤثر بقوة شخصيته على من يخالطه وربما كل ذلك أثر على قرارها ،تم الزواج وانتقلت إلى بيت زوجها لتعيش مع زوج كريم معطاء ابن عائلة كريمة ومعروفة في فلسطين، حيث كان والده أول رئيس بلدية لمجلس محلي عنبتا مسقط رأسه، وكان جده لأبيه من الشخصيات المهمة حيث كانت تسمى النواحي باسمه،
حيث قال ناحية مصطفى ،، تل بالقدس.
وهكذا أصبحت أمي ربة بيت وزوجة تقوم برعاية حماتها وأبناء زوجها ،مما ترتب على كاهلها مسؤوليات جمة وهموم ومصاعب وهي من كانت عند والدها المدللة المخدومة ولكنها بأمانة الله تقبلت الأمانة وراعتها خير رعاية .
لم أقاما في دمشق العزيزة دمشق العروبة التي احتضنت العديد من الشعب الفلسطيني المشرد. ويدم الحال، إذ تم تعيين والدي مديرا بإحدى مدارس اللاذقية حيث عشنا هناك كنت طفلة حيث ولدت في اللاذقية، وعشنا أيام سعيدة إلى حد ما مقارنة مع اللاجئين أمثالنا في مدينة اللاذقية.
وهنا أستطيع أن أقول أنني عشقت البحر والماء والشواطئ الجميلة. تتلقى ضربات الأمواج كأنها تستقبل غريب أو عشيق عاد من السفر بعد غياب. أقول لم يدم الحال حيث أن والدي بقي يحن إلى وطنه............ إلى أهله
فعاد إلى الأردن الحبيب وتم تعيينه في مدينة
الطفيلة، الطفيلة الكرم والعز.
الطفيلة الحاضنة لكل غريب عنها. وهناك
ولد أخي حاتم الدكتور
حاتم
.....................
أربعة بعد
بنات لأمي ولأنه الولد المنتظر الذي يشد الظهر به حسب الثقافة السائدة حينذاك وكانوا لا يرحبون كثيرا بولادة الإناث إلا أن أمي بقيت تحمل أخي حاتم في كل وقت بشكل
مبالغ فيه حرصا منها عليه ،وهو الآن متقاعد لواء في الجيش الأردني وفتح عيادة في عمان وفي إحدى الأمسيات سمعت بالصدفة. والدتي تقول لوالدي أن لديها طاقة كبيرة ولا مكان لتفريغها في بلد وبيئة جديدان عليها، وهي ابنة الرملة وبنت فلسطين والمتعلمة في المدارس
الداخلية فهي تتقن اللغة العربية والإنجليزية. وطلبت إليه أن يساعدها في تعيينها معلمة فيسعها الفرحة فهي لا تريد أن تبقى إحدى المدارس. ووافق بعد ممانعة لإسعاد أمي التي لم تكن مجرد ربة منزل بل تريد أن تخدم مجتمعها وتقدم له الكثير مما عندها من علم وحب للعمل
والعطاء .
وقد انتابني فرحا شديد وأنا أسمع والدي وأشاهد السعادة على محيا والدتي. فقمت بنقل الخبر إلى
إخواني وأخواتي الذين هم أكبر مني. وع
م الفرح في قلوبنا وأضاء في بيتنا . وهكذا كان فوالدتي
أصبحت مدرسة في إحدى مدارس الطفيلة إلى أن عدنا إلى مدينة طولكرم التي تعتبرها
والدتي ووالدي جنة الله على أرضه. وعين والدي مديرا بإحدى مدارسها المهمة، وكذلك والدتي
مديرة لإحدى المدارس هناك. واستمر حال هذه
الإنسانة المكافحة الصامدة الصابرة ما يقارب
الخمسة وثلاثين عاما. وهنا وبدون مجاملة أقول من الصعب أن يلتقي الإنسان بهذه الصابرة
المكابرة إلا ويرفع لها القبعة تحية إجلال وإكرام .إذ عليها أن تقوم بالتعليم صباحا. وعند العودة
للبيت تقدم ما يلزم كل بيت من خدمات
الحياة والعيش. فكيف في بيت يضم ما يزيد اثنا عشر
شخصا، إضافة إلى الضيوف الكثر بوالدي الذي يعتبر بحق زعيما لبلدهم من القرى المجاورة،
خاصة مدينة عنبتا مسقط رأسه وقرية الكتاب المملوكة تقريبا لوالده الشيخ الجليل يوسف
مصطفى القبج. ولم تمض سنوات حتى غادر والدي م
هنة التعليم التي عشقها وترشح للبرلمان
الأردني مع اثنين من أصدقائه، وكان بالطبع النجاح حليفه . أليس هو إبن العائلة العريقة
ووالده وجده الأعلام وبحق في المنطقة؟ وقد كان والدي يفاخر بأولاده المتفوقين في المدارس.
حيث نشأنا على حب
العلم والعمل والعطاء ،من أب عصامي طموح وام مكافحة طموحة
.ونشأت أنا بهذه الأجواء وتابعت المسيرة ،وأحب قبل أن انطلق للحديث عن مسيرتي أن
أتحدث عن هذه الحادثة التي حصلت مع والدي عندما كان مديرا لمدرسة طولكرم ،حيث حدثت
ونحن صغار يكررها الأقارب والأصدقاء كما يح
دثني بها إبن عمتي ،زوجي أبو عمار حفظه
الله لي ورعاه،
والقصة كما رويت :
جرى اتصال مع الأستاذ شريف القبج من أجل الإستعداد لزيارة المندوب السامي البريطاني إلى
مدينة طولكرم وبالذات لتفقد مدارسها .فأستعد الأستاذ أبومازن كونه مدير المدرسة في ذلك
الحين وأمر البو
اب بإغلاق أبواب المدرسة حتى وان كان أثناء الدوام الرسمي وتلقي الدروس ،
........... وأمره أن لايدخل الطلاب الحاصلو على درجات متدنية لتفادي الإحراج .
امتثل البواب للأوامر وأخبر كل الطلاب الذين يعتبرون غير ناجحين ذوي الذكاء القليل بعدم
الحضور وإعتبار أن الغد يوم عطلة مدرسية،فرح الطلاب فرحا شديدا وعادوا واخبروا أهلهم بذلك ، لكن لسوء حظ أحدهم أو حسن حظه رأت والدته الطلاب يتجهون إلى المدرسة فأرسلته للدراسة وعند دخول المندوب السامي إلى الصف الذي فيه هذا الطالب سأل :
من منكم يعرف أسم ملك بريطانيا ليتأكد أن الإستعمار إستطاع أن ينفذ لعقول الشباب ويغير من مفاهيمهم
وقيمهم فما كان من الطالب الكسول برفع إصبعه مصرا على الإجابة وكان له ما أراد ،فقال:
جورج وبصوت مرتفع فصفق له المندوب السامي وأمر له بعشرة دنانير فلسطينية وحيث كان
لهذا المبلغ قيمة عظيمة في ذلك الوقت وأمر بأن يتم ترفيعالمدير درجة على حسن تعليم طلابه وخرج المندوب السامي منشرحا لكن المدير وإن نال درجة يستحقها عاد للصف مندهشا وبسرعة من إجابة هذا الطالب الكسول
. سائلا : كيف عرفت هذا الجواب؟ وكان الجواب قاتلا بالنسبة للمدير .
قال الطالب : امس جاء يا استاذ وطَّعمنا وذلك
لكونه يلبس زي التمريض ظنا منه أنه الملك
أما المدير الذي اندهش من الإجابة وطلب من البواب أن يحمل الطالب فورا إلى بيته خوفا من............. أن يستشهد به المندوب السامي مرة أخرى
وخرجت تلك المقولة :
حتى الطلاب الفاشلين لدى الأستاذ شريف القبج ناجحين في حياتهم فما رأيكم ؟اعطوني رأيكم لو تكرمتم..
إرسال تعليق