الكاتب زيد الطهراوي
جاؤوا بي إلى المستشفى و أنا لا استطيع الحراك فوضعني العاملان على حمالة المرضى و سمعتهما يقولان : أف ما أثقل جثته لم أقل شيئا و تمنيت أن يقصر الطريق إلى سريري لأوقف نزف الجرح الذي سببه العاملان بثرثرتهما
ثم دخلوا بي إلى غرفة طويلة مليئة بالمرضى و المرافقين و كنت متعباً فلم أستطع أن أتكلم إلا بصعوبة و ظنني القوم في حالة الغرغرة فجعلوا يلقنونني الشهادتين
نظر إليَّ أحدهم بحزم و كأنه يتكلم مع طفل صغير و قال :
لا إله إلا الله فقلت بصوت مهزوم : لا إله إلا الله ثم نظر إلى من حوله و هو في حالة شك و سألهم : هل قالها ؟
و حين مضى جزء من الليل انفض القوم و جاءني أحد المرافقين لمريض بجانبي فجعل يردد الشهادتين أمامي و أنا أرددهما و يسكت دقيقة ثم يعود و يرددهما و أرددهما أنا بطيب نفس مع ما كنت أعانيه و أنا لا أستطيع أن أقول : أنا لست في حالة غرغرة و لم أستطع أن أوضح للمرافق أن تلقين المحتضر يكون مرة واحدة إلا إذا تكلم بكلام آخر فيعود الملقن لتلقينه ليكون آخر كلامه لا إله إلا الله و قد استمر التلقين المتتابع المرهق طيلة الليل إلى أن تنفس الصبح و حضر الطبيب فأعطاني مخدرا أراحني من هم الدنيا قليلا
زيد الطهراوي
إرسال تعليق