عرق أبي

  


الكاتبة ايمان الجوهري مصر 

صغارا كنا

قبعنا تحت الأسرّة العالية؛

لنكشف ما يستره الليل،

لنتباهى بحماقة ما خلفته الأبواب المغلقة ليلأ

فنجاهر به نهارآ

فليقص كل ما رآه.


     1


رأيت أبي المزارع بظهر محنٍي

يلقي البذور فتنبت حلوى مغلفة

وأمي تحلب لبنا منكّها بالشيكولا. 

 

     2


رأيت أبي يرمي شباكه فوق الماء

فتخرج لنا أحذية بالية بفم مفتوح،

بينما أمي ترسم أسماكا رخوة على الورق وتضعها بالفرن،

تحترق رسمات أمي ويعلق بحلوقنا حسك أسماك لم نتذوقها

ونصرخ جوعا.

فيضع أبي في أفواهنا الأحذية البالية فنصمت

مذ وضعوها في أفواهنا اعتقدنا أن الصمت فضيلة.


         3


رأيت أبي ممددا على ظهره ويبتلع نقطة الماء التي تسقط علينا من السقف في الشتاء،

كانت بطن أبي كبيرة 

ليست لعلة كما قال الطبيب؛

إنما ابتلع ماء السماء ليقينا رعشة الأرض،

بينما أبي يبلع الماء تحشو أمي فمه ببذور الفاكهة

التي نحب.

يوما ما سينبت من بطن أبي بستان

لكن سنحرم على أمعائنا الفاكهة.


     4


رأيت أبي العائد من السماء

يقطف دمعات أمي وينثرها

فتتلألأ في السماء نجمة

يبلل شعرها فيصير قلبها نديا

تخبره أمي أنه منذ رحيله

يرسل الله خيرا كثيرا

ورغم ذلك نظل جوعى؛

إنه اليتم يقضم أحشاءنا


  5 


رأيت أبي المسافر يعود بيده حقيبة

يفتحها ويلقي في حجر أمي أثوابا جديدة 

وعطورا وهدايا،

كل الأشياء عليها ملصق

مدون عليه سنة /سنتان/ثلاثة

ياالله

كل هذي السنين من عمر أبي

من يرد عليه هداياه ويرد علينا عافيته.


   6


أبي العائد من الطاحونة

يخلع ملابسه ينفضها، 

تجمع أمي طحين ملابسه

وتخبز لنا رغيف خبز صغير جدا 

يكفي أفواهنا ومخلب قط ومنقار طير وطرقة باب

سيظل كل الخبز يحمل رائحة عرق أبي

طازجا.

صفعنا الليل على وجوهنا 

فتلقت قلوبنا الصفعة.

Post a Comment

أحدث أقدم