علي العامري: رحلتي الكورية استكشاف لجغرافيا ثقافية جديدة.. خلال مشاركتي في سيئول بمؤتمر دولي عن دور الفن والأدب في مواجهة الحرب"

 


عمان - عمر أبو الهيجاء

شارك الشاعر والرسّام الأردني/ الفلسطيني علي العامري في المؤتمر الدولي عن دور الفن والأدب في مواجهة الحرب "مؤتمر الفنانين العالميين من أجل السلام في شبه الجزيرة الكورية 2024" الذي أقامته اللجنة المنظمة تحت شعار "أوقفوا الحرب.. فن من أجل السلام"، يومي 12 و13 سبتمبر/ أيلول الجاري، في المنطقة منزوعة السلاح، على الحدود الكورية بين الشمال والجنوب. وتضمن المؤتمر خطابات ومحاضرات وفعاليات موسيقية وغنائية ومسرحية وعروضاً للتراث الكوري.

 وجاءت مشاركة علي العامري، بصفته شاعراً ورسّاماً من الأردن وفلسطين، وكان العربي الوحيد المشارك في المؤتمر، إلى جانب أدباء ورسّامين وسينمائيين وموسيقيين ومغنين ومسرحيين، إذ شارك فابيان تشيريز من المكسيك، إيتيني دو لاساييت من فرنسا، إيكيدا إريكو من اليابان، إلفيرا كويوفيتش من صربيا وألمانيا، ياماغامي شيغينوري من اليابان، شهريار شاون من بنغلاديش، وبويان إيفانوف من بلغاريا. ومن كوريا شارك عدد من الفنانين والكتّاب والأدباء، من بينهم الروائي كيم ناميل، والروائية جيونج جي آه، والمخرج والموسيقي سون بيونغ هوي.

وقال العامري إن "رحلتي الكورية الأولى تكتسب أهمية خاصة لي، بوصفها استكشافاً لجغرافيا ثقافية جديدة، على أرض الواقع وليس من خلال الكتب الأدبية المترجمة التي قرأتها من قبل"، مشّدداً أهمية تنشيط حركة الترجمة بشكل استراتيجي، لما لذلك من أهمية في تعزيز الشراكة والتفاهم والتعاون والتبادل المعرفي. وأكد أن "الترجمة المتبادلة بين الأدبين العربي والكوري لا تزال ضعيفة، على الرغم من بعض المبادرات المؤسساتية والفردية من الجانبين".

وعبّر صاحب "فلسطينياذا" عن انطباعاته خلال زيارته الأولى للجنوب الكوري، بقوله إنّ "الثقافة الكورية تجمع توليفة سحرية تمتزج فيها الحداثة مع التقاليد والتراث الأدبي والجمالي والمعماري والفلسفي العريق، على الرغم من التحولات التي تجتاح العالم"، واصفاً الكوريين بأنهم "شعب عظيم يعرف اتجاه البوصلة الإنسانية جيداً، ويساند المظلومين ويرفع الصوت عالياً ضد الظلم والقهر والاحتلال في أي مكان في العالم"، موضحاً أن العاصمة سيئول تشهد كل أسبوع مسيرات ضخمة لمناصرة فلسطين، ترتفع فيها الصيحات مع العلم الفلسطيني وشعارات تطالب بالعدالة ووقف جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في غزة وفي عموم فلسطين.

وتابع علي العامري أن "الكوريين شعب لطيف ومُحِبّ ومضياف، يتسم بالمواظبة على العمل بجدّ، ويحلم بتحقيق السلام والوحدة بين التوأمين الشمالي والجنوبي، خصوصاً أنهم شعب واحد، بثقافة واحدة، وتاريخ واحد، وأرض واحدة هي شبه الجزيرة الكورية، ومصير واحد، ومستقبل واحد"، مشيراً إلى أن التدخلات الخارجية، بالدرجة الأولى، هي التي تقف حجر عثرة أمام توحيد كوريا بشمالها وجنوبها. 

وعن المواقع التي شهدت فعاليات الدورة الثانية من مؤتمر الفنانين العالميين من أجل السلام في شبه الجزيرة الكورية 2024، قال العامري إنّ "المؤتمر أقيم في المنطقة منزوعة السلاح على الحدود بين الشمال والجنوب، وهي المنطقة الواقعة على خط العرض 38. وكان لهذا الموقع رمزية خاصة، إذ نادى المؤتمر بالسلام وإعادة توحيد الشطرين التوأمين، في خط العرض ذاته الذي شهد الانفصال". وأوضح أن افتتاح المؤتمر بتقديم المديرة الفنية وقائدة فريق المشاركين، سونغهيون بارك، أقيم في كل من معسكر جريفز الذي تم تحويله إلى فضاء إبداعي، في منطقة باجو بمقاطعة جيونجي، بعد الحصول على إذن مسبق من الوحدة العسكرية الحدودية. وأقيمت فعاليات الاختتام في مانجبايدان بمنطقة إيمجينجاك.

وشارك علي العامري في افتتاح المؤتمر بمحاضرة بعنوان "الفنون البصرية وترويض الألم"، عبر عرض تقديمي على شاشة كبيرة مع ترجمة باللغة الكورية، بدأها بقوله "نخسر كثيراً، لكننا دائماً نتعلّم كيف نحبّ"، متناولاً انتقال دور الفنون من تمجيد الحروب إلى نقدها وإدانتها ومداواة الجراح والأرواح، قائلاً "هنا يتجلّى سحر الفن، بالمعنى التحويلي، بما يملك من قدرة على إعادة تشغيل طاقة الأمل، وترميم الأرواح المكسورة، وإعادة تدوير المعنى، معنى الوجود".


وأضاف في المحاضرة "سأذهب بعيداً في الزمن، لأنقل لكم رسالة تعود إلى 11 آلاف سنة، عبر تمثال صغير لعاشقين في منطقة (عين صخري) في فلسطين. يكشف هذا المجسم المنحوت من حجر الكالسيت، ويبلغ طوله 10.2 سنتمترات، عن حالة الوئام والاتحاد والحب، وهذه رسالة عابرة للزمن، تمثّل الحلم الأصيل بتحقيق التناغم مع الآخرين والطبيعة والكون أيضاً، وهو الحلم المضاد للحروب".

وتحدث مؤلف "خيط مسحور" عن دور الفن الفلسطيني في مجابهة الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي، بقوله "عدد كبير من الفنانين الفلسطينيين عملوا في لوحاتهم ومنحوتاتهم ورسوماتهم وملصقاتهم وأعمالهم في الطباعة اليدوية، على تسجيل وقائع المأساة الفلسطينية المتواصلة منذ 76 عاماً، حتى حرب الإبادة الجماعية في غزة". وذكر أسماء بعض الفنانين، مع عرض نماذج من أعمالهم، ومن بينهم على سبيل المثال، ناجي العلي، إسماعيل شموط، سليمان منصور، سهى شومان، منى حاطوم، نبيل عناني، نصر عبد العزيز، تيسير بركات، خالد حجازي، تمام الأكحل، عبد الحي مسلّم، فيرا تماري، مصطفى الحلّاج، كمال بُلاطة، وخالد الحوراني.

وبناء على اختيار اللجنة المنظمة، قرأ علي العامري بصفته ممثّلاً عن المشاركين الدوليين، برفقة فنان وفنانة كورييْن، الإعلان الختامي لمؤتمر الفنانين العالميين من أجل السلام في شبه الجزيرة الكورية 2024، الذي أكدت فيه اللجنة تضامنها وكل المشاركين مع الشعوب المظلومة، وإدانتها لكل أشكال الحروب، ورفضها طغيان الهيمنة. وقالت "نحجب بداية الحرب ونهايتها بدرع الفن حتى تصدأ كلّ أسلحة العالم"، مضيفة "نقف دائماً إلى جانب المُهمَّشين والمضّطهَدين"، داعية إلى وقف الحروب.




Post a Comment

أحدث أقدم