أيها اللاشيء من أخبرك بأن صدري متين !

 


الكاتبة سحر الأحمد

ذكرني قول قديم للكندي يقول فيه لأبي تمام " إن هذا الرجل لن يعيش طويلا ، لأنه ينحت من قلبه " ،لقد دأبت الحياة أن تكون حربا وابن العاطفة لا يعيش طويلا ..  يتقلب الناس في مواقفهم وردود أفعالهم بين من تغلب عليهم العاطفة وبين من يمسك برأس الحكمة ..، ومن بيننا أيضا من يتبع نهجا فيه من التطرف والأنانية القدر الكاف ليرضي نفسه كمن يقول أنا ومن بعدي الطوفان ..، وبيننا من يجنح للمبالغة في تعامله بالمحيط ويتبع هواه معظما الأنا الطاغية ومطبقا المثل القائل إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب ..! فتسابق نفسه الأحداث وتخالف الفطرة فتغرّها الحياة وتتخلى عن مكارم الأخلاق . 

ومها يحاول التظاهر بمحاسن القيم والمبادئ يكشفه الغرور الأعمى وحب المصالح لتدور النفس بدائرة المظالم وتنازعه بين البقاء في التيه ليحقق مآربه وبين العودة عن طريق الخطأ ومحاسبتها قبل نفاذ الوقت. 

ففي قول نسب لعبدالرحمن منيف واعتبره حكمة أكثر منه قولا لعمق المسألة فيه " إن بطولة الإنسان في هذه المرحلة أن يبقى الإنسان حيا ، شريفا ، وألا يفقد عقله ..! "، لذا على الإنسان أن يترك مساحة فارغة تماما بجوار القلب وألا يشغل وقته في ترتيب الناس من حوله ، فالمواقف تكفل بإعادة كل شخص لمكانه وحجمه الحقيقي وإلقاء البعض في هذه المساحة كأمر مهمل وأنت تفتش في بريدك بشكل يومي .. كل ما عليك فعله أن تقف في مكانك المألوف كوجهة واحدة وواضحة حتى وإن اكفهرّت الوجوه حولك وتبدلت عنها الأقنعة ..، فما يهمك ليس اكتمالك وأنت قادر على صنعه بقدر ما يهمك العثور على موافقة الفكر ورفقة الأرواح وتشابه الصفات وسلامة النوايا .. وحيث أن البصيرة تنبت في أرض القلب وتعد وسيلة لسلوك الإنسان في دينه ودنياه ومعراج النوايا والقائم بالأعمال والموجه الحقيقي لسلامة العيش مع الآخر دون ضرر أو ضرار .. كان لزاما أن نتعرف على موطنها ألا وهو القلب وإنّ لهذا القلب خيوطا تشكّل نسيجه تدعي بنِياط القلب وهي عبارة عن عروق غليظة تتصل جميعا بالقلب وهذه الخيوط تتمزق وتتقطع إذا  ما تعرض الإنسان لنوبات الغضب الشديد أو لحالات الحزن والزعل الشديد والضيق وكسر الخاطر ، وقد تأخذ وقتا طويلا حتى تلتئم، لهذا انتبه لكلامك ولوعودك ولأفعالك جيدا فلا تدري كيف من الممكن لكلمه أو لموقف أن يؤثر بأحدهم ويحزنه .. فأنتَ عندما تتفوه بكلمة ما تأكّد بأنها كالرصاصه تستقر في قلب أحدهم ،تذكّر بأنك قد حاولت قتله ..! ، ليس من الخوارق أن نعتاد العطاء وبذل المحبة في الناس كما ليس معجزا أن يستدرجنا الله لمثل هذا المقام لأنها فطرته التي فطر الناس عليها وحين نسبها لنفسه جل في علاه إنما جاءت رفعة وتشريف لبني الإنسان ومنحة تعد من أعلى الكرامات لتميزنا عن سائر خلقه ..، لن يثيرنا اقتناءك المجوهرات ولا العقارات أو حتى الشهادات والمراتب والتبجح بها على العالمين..، ما يلفت القلب ويجعلني أراك هو جوهرك .. إنسانيتك وكم أخشى وأد الخير حولنا ! ..

أيها اللاشيء من أخبرك أن صدري متين ..!؟ 


Post a Comment

أحدث أقدم