الدكتورة ابتسام المكشر
ما غرّني يوماً سهل الورق المنبسط و سكونه فأنا أعلم جيداً أنني كلما اقتربت منه شاهرة قلمي تعثرت بين نتوءات روحي التي ما لبثت أن برزت و حولت السهل إلى مرتفعات و لربما جبال شاهقات أصابت القلم و الكلمات بالورع و التردد...
لقد اعتدنا التعافي بالكتابة و اللجوء إلى بياض الدفاتر الصامت لنرتجي بوحا يجود على الروح العليلة بدواء طعمه من نسيان و أضغاث ألم باقيات...
لكن في الواقع، الكثير من الكتابات ليست سوى سيلان حبر على هيئة نزف لجراح خلناها قد جفّت و صراخ لندبات ظنناها خرساء...
ففي نهاية المطاف، ذلك البياض المخادع للورق لم يكن إلا سرابا بنهايته تتعرّى الذات فتكتبنا حروف التجارب و تنسجنا كلمات الخيبات...
لا يمكنني أن أحصو عدد المرات التي التجأت فيها إلى النقر بخطى قلمي عساني أعزف لحناً من خيال يقودني نحو مدائن الأحلام التي ألغت رحلاتها من و إلى واقعي لأتفاجأ بهجرة أفكاري و آمالي خلسة و تنكرها لوعد مسبق بالسماح لي بالرسم بالكلمات...
أراقب سرب الخيالات يغادرني ليحل محله غيث الذكريات و مزن الدمعات..
فالكتابة حتى و إن أردناها ترياقا و بلسما ستظل في جوهرها ذلك القرع الخفيف فوق أبواب أوصدناها و رمينا مفاتيحها في يمّ بعيد و نسينا أن للقلم سحرا لا يُعجزه صدّ...
إرسال تعليق