عمان – عمر أبو الهيجاء
كثيرة هي الدراسات النقدية العربية التي ذهبت الى معاينة المنجز الشعري للشاعر والإعلامي محمد عبد الله البريكي، حيث أصدر العديد من المجاميع الشعرية من مثل: "بدأت مع البحر" و"الليل سيترك باب المقهى" و"بيت آيل للسقوط" و"عكاز الريح" وغير ذلك من الأعمال الشعرية بالفصحى والشعر النبطي، وتجلّت شاعريته في هذين الشكلين الأدبيين، فكان لحضوره في المشهد الشعري العربي مكانة مهمة من خلال نتاجه الشعري ومشاركاته في المحافل العربية، هذا جانب أنِ الشاعر محمد البريكي يمتلك حسّا نقديا عال، حيث أصدر العديد من الكتب النقدية مبينا رؤاه النقدية تجاه قضايا تصب في الشأن الإبداعي والنقدي، ككتابه الثري "بيوت الشعر شهادات وإضاءات"، والبريكي يعمل مديرا لبيت الشعر بالشارقة ومديرا لمهرجان الشارقة للشعر العربي، وهذا أكسبه علاقات حميمية مع الشعراء والنقاد لفكره النير واجتهاداته وحرصه الشديد بالشأن الإبداعي والثقافي.
ضمن هذا السياق صدر للناقد والشاعر المصري محمد أحمد حسن كتاب نقدي معاينا فيه "البنية الخطابية في ديوان "الليل سيترك باب المقهى" للشاعر محمد البريكي، ويشير الناقد حسن إلى إن القارئ في النقد الأدبي يجد كيف ترتبط لغة الشعر بالرصيد الثقافي لكل شاعر و مرجعياته و منطلقاته الفكرية التي تمتزج بكل العوامل الذاتية والموضوعية التي تساهم في بناء التجربة الشعرية.
ويرى أن الشعر وسيلة الشاعر التي يعبر بها عن انشغالاته الفكرية والنفسية والاجتماعية, فيقدم كل شاعر رؤيته للواقع بطرق أكثر تأثيرا وامتاعا مع أن الشاعر حينما ينقل هذه التجربة للمتلقي يمر بتجارب قاسية فهو يقتطع من نفسه حتى يعانق القارئ ويتآلف معه وقيل (إن قول الشعر أشد من قصم الحجارة على من يعلمه) فتكون مسئولية القارئ دوما مقترنة بمسئولية المبدع , فالشاعر لا يكتب لنفسه وإنما يكتب للمتلقي أيضا.
وجاء هذا البحث في بابين ومقدمة ومدخل نقدي : ففي المقدمة حاول الناقد أن يبرز فيها العقبات التي ألقت بظلالها في الطريق وكذلك الدوافع التي جعلته يكتب البحث, وبعد ذلك نقرأ مدخل نقدي تعرّض فيه للنقد قديما وحديثا من خلال بلاغة النص الأدبي ومدى الاهتمام بالمتلقي إلى جانب المبدع, ثم إن النقد الحديث لم يبعد كثيرا عن النقد القديم, وإن كان النقد الحديث تأثر بالفكر الغربي وتعددت نظرياته ودراساته على مستوى الأسلوب واللغة.
ونقرأ في الباب الأول الذي جاء بعنوان: "الجانب النظري حول ملامح البنية الخطابية في الشعرية المعاصرة" ويشتمل هذا الباب على فصلين : الفصل الأول: البنية الخطابية, مفهومها وعلاقاتها ببعض القضايا الشعرية.
وكما نطالع في الفصل الثاني: "الشعرية والشعرية المعاصرة", ويشمل ,مفهوم الشعرية قديما, واللغة ودورها في الشعر العربي, ومفهوم المعاصرة والفرق بينها وبين الحداثة, ثم التراث والشعر المعاصر.
ومما جاء في الباب الثاني ليشمل تطبيقات على البنية الخطابية على ديوان (الليل سيترك باب المقهى) للشاعر محمد البريكي, وتم تقسيم هذا الباب إلى فصلين: الفصل الأول منه بعنوان: "مدخل حول الرؤية البصرية للديوان" ويتناول نظرة عامة على الديوان وسيرة ذاتية للشاعر محمد البريكي وتحدث فيه الناقد عن عنوان الديوان دراسة تحليلية للبنية الشعرية.
ونقرأ في الفصل الثاني الذي تحدثت عن بعض الأحكام والقضايا المنطقية والعلاقات الأسلوبية التي تخدم البنية الخطابية في هذا العمل الأدبي مثل : الثنائيات الضدية، والإجمال، والتفصيل، والخصوص، والعموم والسببية، والإيقاعات الشعرية، والعوامل التي تشكلها وتوظيف الرمزية والانزياح والتناص مع القرآن الكريم, وتوظيف الشخصيات الدينية والأسطورية وبنية الوزن والقافية في الخطاب الشعري, والزمكانية, والمونودراما (النزعة الدرامية) وغيرها من القضايا والأحكام المتعلقة بالنص ودورها وتأثيرها في القارئ / المتلقي.
وينتهي البحث بالخاتمة التي لخص فيها ما توصل إليه في الدراسة، وقد حاول الناقد محمد أحمد حسن في بحثه أن تناول البنية الخطابية في الشعرية المعاصرة لنرى كيف صارت تجربة الشعر بعد أن ظلت لعصور طويلة تلتزم الشكل التقليدي في الشكل والمضمون لتقفز قفزة سريعة نحو التطور في النصف الأول من القرن الماضي إلى الآن.
ويضيف المؤلف مع هذا التطور على مستوى القصيدة صاحبه تطور على مستوى النقد الذي هو بدوره انتقل نقلة سريعة فتعددت المذاهب والنظريات على المستوى العالمي والعربي, حتى أن النقاد العرب أخذوا من النظريات الغربية كما حدث مع الشعر والشعراء الذين تأثروا بالثقافات الغربية, ووسط هذا وهذا وضع ناقدنا يديه على تجربة البنية الخطابية والشعرية المعاصرة ,حيث تناولها بالتعريف والوقوف على مفهومها, مفهوم الخطاب ومفهوم النص, والمفاهيم الغربية للخطاب وكذلك عناصر العملية الخطابية وتناول فيه الخطابية من عدة مناح, الفكرية والتوجيهية والتأملية, ثم عرّج على ما يرتبط بالبنية الخطابية من خلال تناول العنوان وأثره على البنية الخطابية والإيقاع الشعري ووسائله.
وكما ذهب إلى الخطابية التي لها دور في مناقشة العلاقة بين اللغة والنص والنظر فيما ذكره من علاقات، كعلاقة اللغة بالسلطة و الإيديولوجية و الثقافة، وطرح جملة من المستويات النظرية و المشكلات المعرفية، كأصل اللغة، و سلطة اللغة، والسلطة المساندة لها، و التمييز الذي تقيمه اللسانيات بين اللغة والكلام والخطاب، والوحدات المشكلة للخطاب و اللسانيات الداخلية والخارجية، والنظر في بعض المسائل الابستيمولوجية التي تطرحها هذه العلاقة ضمن ميدان معرفي يحاول التأسيس لمناهجه و مفاهيمه و مسائله على الرغم مما تثيره هذه العلاقات ,وماتزال لها دورها مشيرا إلى أن المهم في موضوع الخلاف بين الألسنيين وعلماء الاجتماع حول الطبيعة الاجتماعية للغة المهمة في التحليل الفني للنص، مدعما الناقد كل ذلك بالأدلة والاستشهاد من خلال قصائد الديوان المتعددة وتوثيق ذلك من خلال المراجع المعتمدة الخاصة بموضوع البحث والقراءة المتكررة المتأنية للديوان.
ويذكر أن محمد أحمد حسن شاعر وناقد مصري، حصل على من الجوائز والتكريمات في مجال الشعر والبحث منها مراكز أولى على مستوى الجمهورية، ويحمل دبلوم مهني تربية خاصة. جامعة القاهرة. (2005)، و دبلوم تربوي عام – جامعة الأزهر الشريف (2003)، وليسانس دار العلوم في اللغة العربية والعلوم الإسلامية ,جامعة القاهرة- (1991)، ويحمل حاليا مدرس لغة عربية للمرحلة الثانوية،
وله من المؤلفات: ديوان إلى نبض متمرد، وديوان زمان الحلم, و ديوان عشق وغربة, وديوان ضباب ولا مطر, وكتاب مشترك رسائل الغيث، و كتاب أدبي.. معجم المبدعين العرب، وديوان مشترك.. أهلا رمضان
إرسال تعليق