الكاتبة كريمان الفقي
الرجل الرابض في العتمة
صنع من الظلام ظلًا وعِفريتًا
ومن الخوف عكازًا لساق مبتورة
حين رأى القلق لأول مرة ارتاب
ثم بعد عدة فواصل استراح
بين التأقلم والتعايش وضع نقطة خلاصه...
المرأة الغافية على الأريكة المُخلخلة
صنع منها العمر تجاعيدًا وترهلًا
من اللُّعاب والعسل المراق على فمها
تموٌج الحزن كبحر طبقي
أخفى حُسنها
ومن الدمع المذاب على خديها
جرحًا وألمًا
مالت نحو الشرق فكانت ثكلى
ترثي وتنوح على جثث أطفالها
دماءهم مراقة
وهزيمتهم حياة بلا رحمة
موت بلاقبر
مالت نحو الغَرب
كفًنتها الوحدة بالغربة
وحشر العمر نفسه
ليقتلها ببطء
البنت التي عبرت حقل الزيتون
بساقين من محبة وبراءة
صنعت من الحب مودة
ومن الكره عفوًا
زينت الإنسانية وحفرت قبرًا
للكلمات الخبيثة
نبت لكتفيها جناحين
تجاورا، تلاقا في سماء جسدها
يرويهما السلام
ويَقرأ عليها تهويدات الطمأنينة
صلواتها الدائمة
الصبي الذي حمل السلاح
حاول قتل الشمس لسرقة النور
فقتل الغيمة وسرق عجوزًا راقدة بها
حاول قتل القمر
فقتل نجمة الأمنيات ليمرض البشر بالإحباط
قتل عصفورًا طائرًا في جو السماء
قلبه منسوخ من الجنون
وعقله ذهب نحو حلم ووهم
بنى أخاديدًا يواري قبحه
فواراه القبح صريعًا في صحراء قاحلة
ظمآن ووحيد
المُذَنّب الذي اختار مدينتنا
يقف مُتَحيرًا تستميله رائحة الدماء
وتخيفه رائحة الحياة
أيحرق المدينة، أم يحقق الأمنيات ويغادر؟
أتستحق مدن السواد العيش أم تظل ملوثة بالعويل والعواء؟
التهمته الأحقاد فأحرقته بل صنع إلهًا أرضيًا
يشبه الوطن لكنه ما بوطن
معلولًا وممزق الأعضاء والجوارح
الوطن مراق دمه على رصيف الإنسانية
ذابت بأحماض السياسة
والنهر الجاري مكدسًا بالجثث الطافية
والمرثيات الشعرية
العمر الذي يمضي بلاتوقف
لاينتظر أحدًا ولا يتعجل غدًا
من الساعات تصلصلت الخطوة والأمل
ومن الدقائق وهمًا وحلمًا
في الثانية الأخيرة من الساعة الوهمية
كتبتُ قصيدة عن سر التعاسة في الدقيقة الأخيرة
فكانت جنونًا وهذيانًا
أطعمت القصيدة لذئب وحيد
يقال له خوف
تناولها وتجرع الماء يهضمها
كانت عسيرة لكن لئيمة
تعرف كيف تمزق جوفه بالهدوء.
إرسال تعليق