د/عبدالله عنان
كتبت هذه القصة
كانت السماء تمطر بغزارة الأحزان ، والسواد الكثيف يملأ الأفق، مما أضفى على الأجواء شعورًا خافتًا ومليئًا بالغموض. جلست “الياء ” في فناء منزلها، تشاهد شاشة التلفاز ، وقد بدا عليها الانغماس في قراءة جريدة اليوم.
لفت نظرها خبر غريب في احدى الصفحات: “اختفاء رجل غامض في أزقة الماضي.” شعرت بالاستغراب وقرأت العنوان مرارًا وكأنها تحاول فك شفرته. همست لنفسها:
– كيف يكون رجل غامض؟ وما هي أزقة الماضي؟
بينما كانت عيناها تمسح الكلمات بحثًا عن تفاصيل أكثر، قطع رنين هاتفها تركيزها. رقم :77: كان غريبًا، مما دفعها لتجاهله. لكنه عاد للرنين مرة أخرى، ثم مرة ثالثة ورابعة. حاولت التغافل مجددًا، لكن الإصرار دفعها في النهاية للرد.
ارتفع صوت على الجانب الآخر، صوت غريب وغير مألوف، يحمل في نبراته غموضًا يشبه الخبر الذي كانت تقرؤه. قال:
– هل عرفتيني يا أجمل صدفة؟
تجمدت الياء في مكانها، الدهشة رسمت ملامح وجهها الفاتن، وحاولت لملمه أفكارها لترد عليه بحزم:
– لا أتحدث مع الغرباء! لا أريد أن تسوء سمعتي بسبب مكالمات مجهولة.
أنهت المكالمة بسرعة، لكن عقلها ظل أسير تلك العبارة المريبة. مرّت الأيام، ولكن الغرابة لم تفارقها؛ فالمكالمات تكررت كل صباح الثلاثاء بعد منتصف الليل ، وكأن الرقم الغريب كان جزءًا من لغز جديد يطاردها.
في إحدى تلك الأيام، بعد نهار طويل من العمل والروتين الممل، قررت الياء الذهاب إلى أحد الأسواق العامة، تحديدآ. احد المولات. وبينما كانت جالسة شاردة في أفكارها، استوقفها مشهد غير مألوف.
رجل غريب دخل المقهى من الباب الخلفي، بخطواته الواثقة وأسلوبه الآسر، جذب أنظار الجميع. كانت الرائحة الفاخرة لعطره، ماركة ، قد ملأت المكان قبل أن يتحدث. وسامته، ملامحه الشرقية، والطريقة التي حمل بها نفسه، أثارت دهشة الجميع، لكن قلب الياء خفق بشعور غريب لم تختبره من قبل.
كانت تنظر إليه من بعيد، مزيج من الفضول والخوف يسيطر عليها. عادت بذاكرتها للحظة قراءة الخبر ولتلك المكالمات الغامضة. هل يمكن أن يكون هذا الرجل جزءًا من اللغز؟ أم أن القدر ينسج قصة جديدة لا تزال تفاصيلها مبهمة؟
إرسال تعليق