بقلم حمزة سمارة
في كثير من الأحيان نقع في مواقف حيث نتحدث بوضوح ونعبر عن أفكارنا، لكننا نتفاجأ بأن الآخرين يفهمون كلامنا بطريقة مختلفة تمامًا عمّا كنا نقصد. هذا الأمر قد يؤدي إلى سوء فهم، خلافات، وأحيانًا حتى إلى مشاكل في العلاقات.
لكن لماذا يحدث هذا؟ لماذا الناس لا يفهمون الكلام كما نريده أن يصل إليهم؟ الإجابة تكمن في عدة عوامل تتعلق بالنفسية البشرية وطريقة التواصل.
1. تأثير التجارب السابقة على فهم الآخرين
كل شخص يفسر الكلمات بناءً على تجاربه الشخصية. ما تقوله قد يكون واضحًا بالنسبة لك، لكن الآخر يفهمه وفقًا لما مرّ به في حياته. إذا كان الشخص قد مر بتجربة سلبية مشابهة لكلامك، فمن الممكن أن يفسره بطريقة سلبية، حتى لو لم يكن هذا ما قصدته.
على سبيل المثال:
عندما تقول "أنت تأخرت اليوم"، قد يفهمها البعض كنقد أو هجوم، بينما كان قصدك مجرد ملاحظة.
2. الحالة النفسية تؤثر على التفسير
الحالة العاطفية والنفسية للشخص الذي يستمع لك تؤثر بشكل كبير على طريقة فهمه لكلامك.
الشخص الغاضب قد يفسر كلماتك على أنها هجوم.
الشخص الحزين قد يرى كلامه كتعزية أو مواساة.
الشخص القلق قد يشعر بأن كلامك يحمل تحذيرًا أو تهديدًا.
لذلك، نفس العبارة قد تُفسَّر بشكل مختلف حسب حالة المستمع.
3. طريقة إيصال الرسالة
أحيانًا يكون سوء الفهم بسبب الطريقة التي نقول بها الكلام، وليس بسبب الكلمات نفسها.
نبرة الصوت
لغة الجسد
اختيار الكلمات
على سبيل المثال:
قول "هل تحتاج مساعدة؟" بنبرة حادة قد يُفسَّر على أنه انتقاد، بينما بنفس الجملة ونبرة ودودة يُفسَّر كعرض مساعدة صادقة.
4. الأحكام المسبقة والتوقعات
عندما يكون لدى الشخص أحكام مسبقة عنك، فمن الصعب عليه فهم كلامك بموضوعية.
إذا كان يعتقد أنك شخص نقدي، فسيفسر أي كلام منك على أنه نقد.
إذا كان يرى أنك إيجابي، فسيفسر كلامك بشكل إيجابي حتى لو كان عاديًا.
كيف تتجنب سوء الفهم؟
1. التوضيح بشكل مستمر:
لا تترك المجال للتأويل. إذا شعرت أن الطرف الآخر قد يسيء الفهم، وضّح قصدك بعبارات مباشرة.
2. اختيار الكلمات بعناية:
استخدم كلمات لا تحتمل التأويل. الابتعاد عن العبارات الغامضة أو السخرية يساعد على تجنب سوء الفهم.
3. التحقق من الفهم:
بعد أن توصل رسالتك، اسأل الطرف الآخر: "هل فهمتني بشكل صحيح؟" أو "هل ما أقوله واضح؟".
4. التحكم في نبرة الصوت:
النبرة الهادئة والواضحة تساعد كثيرًا في إيصال المعنى الصحيح.
الخلاصة
سوء الفهم أمر طبيعي في التواصل الإنساني، لأننا جميعًا نتأثر بتجاربنا، مشاعرنا، وأفكارنا المسبقة. لكي نقلل من هذا الأمر، علينا أن نكون أكثر وعيًا بطريقة تواصلنا، وأن نحرص على التوضيح والتأكد من أن رسالتنا وصلت كما نريد.
التواصل الفعّال يحتاج إلى صبر، ووعي، وقدرة على وضع نفسك في مكان الآخر لفهم كيف يمكن أن يفسر كلامك.
إرسال تعليق