الكاتبة سائدة العبداللات /الاردن
قديمًا قال أجدادنا :" جاور السعيد تسعد " وهذه مقولة وحقيقة نقر بها جميعا، فهل لها علاقة بموضوعنا وحديثنا عن طاقة الجذب أو قانون الجذب ، أعتقد بأنها تؤيد وبشكل كبير قانون الجذب والطاقة الإيجابية في الحياة، فكلما ملأت عقلك بالأفكار الإيجابية والمواقف الإيجابية، فإنك تجتذبها إليك ؛ فالتفاؤل مجلبة للخير وليس أدل على ذلك من مقولة" تفاءلوا بالخير تجدوه " .
كذلك الحال في الاتجاه المعاكس، فإن اجترار الأفكار السلبية وتخيلها يجلبها إليك بحسب قانون الجذب وواقع الحياة التي نحياها والأمثلة التي تحيط بنا وتؤكده لنا قبل أن نتطرق له من الناحية العلمية، فما هي حقيقة هذا الطرح ؟ وكيف تكون الخطوات إذا أقررنا بواقعيته، قانون الجذب ليس قانونا رياضيا ذا معادلة محددة، وإنما هو قانون طبيعي يشكله النظام العام للكون والحياة الأشخاص وفق مبدأ " تجاذب الأشباه " بعكس الجاذبية المغناطيسية التي تعتمد على " تجاذب الأضداد " .
فكلما فكرنا في شيء ما، واعترتنا المشاعر الإيجابية تجاهه، سيرسل الدماغ ترددا وفق خطوات عمله ليستقبلها الكون وهو مسرح الأحداث باستجابة على ذات التردد الذي أرسله الدماغ.
فكل ما تحتفظ به عقولنا قابل للتحقيق، فمآل الأفكار جميعها أن تصير إلى حقيقة على أرض الواقع بحسب تركيز الإنسان، فإذا ما ركز على الأمور السلبية ، فهو جاذب لكل ما هو سلبي ، وإذا ما جعل تركيزه في الإيجابيات وسيطرت عليه المشاعر البهيجة، مملوءًا بطاقة الاستحقاق التي تزرع في يقينه أنه يستحقها، فإنه سيحصل على هذا الخير، ليعمل قانون الجذب مستخدما قوته العقلية على ترجمة الأفكار والمشاعر والتوقعات لتصبح حقيقة، ويحضرني هنا قول للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: " كل متوقعٍ آتٍ فتوقع ما تتمنى " وأعتقد أن هذا أبسط تلخيص عميق لقانون الجذب وطاقة الاستحقاق.
ليس بالضرورة أن يكون الشخص على علمٍ بأنه يمارس قوة الجذب عبر تفكيره الإيجابي للتوصل إلى أهدافه وإنما يكفي أن يكون إيجابيا بالحد الكافي والطموح والعمل الدؤوب الذي يمكنه من تحقيق أهدافه ، فهو بهذا قد استخدم قانون الجذب المعتمد على قوة اقتناع وتصديق الشخص لما يعتقد، وما يعتمر رأسه من أفكار وإصراره عليها والسعي باتجاه تحقيقها ؛ إذ إن الأفكار حينها وبشكل علمي بحسب قانون الجذب هي ذبذبات وترددات تصدر عن الدماغ في عملية تأخذ مراحل محددة حتى عودتها ذاتها إلى الشخص بإيجابية الحصول والنتيجة.
وحتى وإن لم يفهم المرء حقائق الفيزياء الكمية، فإنه لا مانع من أن يستفيد من قانون الجذب ومعرفة مدى دور العقل في تشكيل حياة الفرد والعالم من حوله بالاستعانة بهذا القانون.
حينما تتعمق فيك الإيجابية وتتمكن من دواخلك فإنك ستشع بها ؛ ما يجعل هذه الإيجابية تنعكس في دماغ الآخر المقابل لك لتكون بدورها اللبنة الأساس في جدار قانون الجذب وطاقة الاستحقاق.
قيل في قانون الجذب: " إن مجريات حياتنا اليومية أو ما توصلنا إليه الآن هو نتاج أفكارنا وقناعاتنا في الماضي، و أن أفكارنا الحالية هي صانعة مستقبلنا "، أي أن هذا القانون ينص على أن قوة أفكار الشخص وقناعاته وما يجول في عقله الباطن يتمتع بخاصية جذب مؤثرة وفاعلة ؛ فكلما فكرت في الأشياء اجتذبتها على ذات التردد الصادر منك إلى الكون وهذا ما اصطلح على تسميته " بالمرونة العصبية"، فملخص قانون الجذب هو الاعتقاد بأن الكون الذي خلقه الله وسيره بإرادته سيستجيب لك ويعطيك ما ركزت عليه فكرك وقناعتك ، وفي الحديث القدسي : " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء " أي أن ما يحدث لك نتاج ما تتوقع وتفكر به شريطة العمل والمثابرة قناعةً بما تفكر به؛ أي أن تعقل وتتوكل، فلن تحقق لك الإيجابية بمفردها ما تتمنى دون سعي منك، وهنا تكون إيجابيتك مبتورة؛ فعدم العمل والجد سلبية قاتلة .
هو ليس بالقانون الجديد فالمعتقد أن الفراعنة عرفوه قديما ومارسوه في حياتهم اليومية وكذلك اليونانيين القدماء ولكن تم تناسي هذا القانون لحقبة زمنية إلى أن بدأ علم البرمجة اللغوية العصبية بالتوسع والانتشار ما أعاد قانون الجذب إلى ساحة العلوم وأعاد للناس اعتقادهم بالقوة التي تفرضها الأفكار على أرض الواقع إذا ما توجت بالعمل والسعي والتصميم.
ومن خلال دراسات العلماء في معهد طب الأعصاب في لندن اتضح وتأكد أن الأشخاص الذين يتصورون مستقبلا أفضل هم أكثر عرضة لأن يكونوا قادرين على تحقيق هذا الاعتقاد وإخراجه إلى حيز الوجود.
هذا وقد أكدت الأبحاث النفسية في جامعة إكسترا أن الأشخاص الإيجابيين المتفائلين يجذبون الآخرين إليهم، فكلما ازداد عدد الأشخاص المؤمنين بك وبقضيتك، ازدادت فرصتك في تحويل الحلم إلى حقيقة.
من هنا جاء دعم علماء النفس استخدام التأكيدات الإيجابية كأساسٍ في جدارية قانون الجذب فمن يخبر ذاته بقدرته على تحقيق هدفه هو الأكثر فرصة وقربا من تحقيقه والحصول على مراده.
الجزء المهم في قانون الجذب هو أن تتعلم وتتقن كيف تكون شخصا إيجابيا متفائلا سعيدا ما يؤدي إلى اندماج إيجابيتك مع إيجابية الآخرين وجذبها نحوك عن طريق الخلايا العصبية المرآتية وهي تلك الخلايا التي تعكس السلوك الذي نلاحظه .
لا يوجد دليل علمي تجريبي يدعم قانون الجذب والتخاطر، وقد انتقد العديد من الباحثين والعلماء الأشخاص الذين يؤمنون بهذا القانون، بحيث يقومون بإساءة استخدام المفاهيم العلمية، فيجعلونها تخدم رؤيتهم لقانون الجذب والتخاطر، وهكذا يعتبر هذا القانون ليس له أساس علمي ويعتبر من العلوم الزائفة، لكنني أقول أن قانون الجذب يتفق مع الحقيقة الدينية " اعقل وتوكل " والتفاؤل وحسن الظن تزامنا مع العمل هو لب قانون الجذب من وجهة نظري والله تعالى أعلم .
“تفاءلوا بالخير تجدوه” عبارة ملخصة موجزة لما أردت إيصاله، هي حقيقة واقعة، ووصفة مجربة، فمن تفاءل بالخير وجده وناله، ومن سعى للسعادة أحرزها، ومن عاش التشاؤم قتله وقضى عليه، والمرء يختار لنفسه، فكل من التفاؤل والتشاؤم فن له من يحسنه من الناس، ويجلبه إلى نفسه وحياته، وينقله إلى من حوله.
.
إرسال تعليق