الكاتب يوسف اليامي
في زمن غريب أصبحت القيم مقلوبة، وأصبحت الحقيقة تائهة بين أكاذيب متكررة وخيانات مغطاة بعباءة الأمانة، بينما يُدفع بالعلماء والمثقفين إلى الهامش ليُفسح المجال لمن لا يملك من المعرفة إلا الضجيج. فكيف وصلنا إلى هذا الحال؟
اليوم ، نشهد ظاهرة خطيرة تتجلى في منح الثقة لمن لا يستحقها، فالمنافق يتقن التلون حسب المصالح، فيُصدَّق ويُرفع صوته، بينما الصادق يُتهم بالسذاجة أو يُقصى تمامًا. أما الكاذب، فبقدر ما يكرر كذبه يصبح أكثر تصديقًا، حتى تتحول الأكاذيب إلى "حقائق" في أذهان العامة.
وفي ظل هذه الفوضى، نجد أن الجهل لم يعد عيبًا، بل أصبح بعض الجهلة يتصدرون المشهد، يُبدون آراءهم في كل قضية، ويفتون في كل مجال، بينما يضطر أهل العلم إلى التزام الصمت، إما خوفًا من الهجوم، أو يأسًا من مجتمع يُعلي من شأن الضجيج على حساب الحكمة.
هذه الموازين المقلوبة ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل هي أزمة قيم تهدد المجتمعات، وتضعف الثقة بين الأفراد، وتخلق بيئة يسود فيها الظلم والتضليل. فمتى نعود إلى زمن يُحترم فيه الصادق، ويُعطى العالم مكانته، ويُحاسب الخائن على خيانته؟
ربما يكون الحل في الوعي، في إعادة إحياء قيمة الصدق، ونبذ الخداع، وإعادة الاعتبار للعلم والمعرفة. فالمجتمعات التي تحترم الحقيقة، وتنصر الحق، هي وحدها التي تبقى، بينما تسقط تلك التي تكرم الخيانة وتتبنى الجهل.
إرسال تعليق