قصة قصيرة
بقلم الاديب المصري صابرحجازي
****************
بكاء طفلي يقطع أجزاء ضلوعي المتهاوية، وزوجتي تلعن الحظ الذى ساق أهلي إلى منزل أبيها، ورغم أننى أدور فى طاحونة العمل من الشروق إلى الغروب لكن إحتياجاتها لا تنتهى، فما ألبث أن أعود إلى المنزل طامعاً في لحظات من الهدوء حتى أجدها أمامي أهرب إلى النوم، وكثيراً إلى الشارع .!
مازلت أدور من ( صيدلية) لأخرى باحثاً عن هذا الدواء الذى وصفه (الطبيب) لإبنى، فهو دواء نادر، ومرتفع الثمن، لكن المهم أن أجده لعل الله يقيه إرهاصات الموت التى تعلو وجهه
إنها العاشرة مساءً، وهذه صيدلية أخرى
- مساء الخير .. هل يوجد دواء (......)
- لحظة يا سيدي
كلما ذهبت إلى (صيدلية ) وشممت رائحة الأدوية أتذكر حبي الأول، كانت (ممرضة) عرفتها حين نقلوني إلى المستشفى في إحدى محاولاتي الفاشلة للإنتحار، حتى الموت يرفضني، كنت أشكو إليها، وتسمع، تضمد جروحي، تمسح دموعي، أحببتها دون هدف، وتمنيت الزواج منها، ولكن القدر كان ..!
قطع صوت (الصيدلي) شريط التذكار .
- هذا الدواء غير موجود
خرجت من (الصيدلية) جذبت من جيب سترتي علبة (السجائر)، وبحثت عن (الكبريت) فاصطدمت يدي بصورة أعرفها، ودائماً أحتفظ بها، أشعلت (السيجارة)، ونظرت إلى الصورة
أبي ..كم كنت قاسياً عليّ ، لا تعاملني كبقية الأولاد الذين كانوا فى مثل سني، حتى الحلوى كنت ترفض شراءها لي كبقية إخوتي، وتقول:-
-انت ابنى الكبير، أنت رجل وليس من المعقول أن تكون مثل هؤلاء، الرجل لا يمكن أن يبكي أبداً .. الرجل لا يضحك هكذا.
..الرجل ..الرجل.. ألست إنسانًا ليَ الحق في الخطأ، والصواب ، فى السعادة، والحزن .. ولم تتوقف عند هذا الحد بل كان عقابك الأكبر أن زوجتني من فتاة لا أحبها
مازلت أدور في طرقات المدينة، تقترب منى لافتة مضاءة تسحب النظر من عينى، مثل الأمل الذى نظل نحلم به، ولا نحققه ، فيضيع فى عمرنا المعنى، ونظل نحيا، ولكن في موت .
دلفت إلى الداخل، كانت (الصيدلية) بها بعض الناس، ولا أعلم لماذا انتابني شعورٌ بالعطش حتى أنه جفف في حلقي الكلام، (الصيدلي) يتقدم نحوي، شفتاه تتحركان، لا أفهم منه شيئًا نظراتي ترتعش، لا أستطيع تحريك شفتي، أشعر أني مثبت في الأرض، وكأن جسدي من الخشب، دوامة من الأفكار تتصارع في رأسي .. تذوب ... تتلاشى، وأنا معها أغرق
إرسال تعليق