الكاتبة الصحفية/سهام فودة
في زحمة الأيام، حيث تتسارع الحياة بين مسؤولياتها وضغوطها، يأتي عيد الحب كموعد رسمي للمشاعر، كأنما يحتاج الحب إلى تقويم ليُحتفى به، وإلى يوم محدد ليعلن حضوره. لكن، هل يحتاج القلب إلى مناسبة كي يزهر؟ وهل ينتظر العطاء موعدًا ليُمنح؟
الحب ليس وردة موسمية، وليس احتفالًا عابرًا بقلبين متشابكين في صورة، أو هدية تُغلف بشريط أنيق. الحب، في جوهره، هو ما يحدث في الأيام العادية، حين لا يكون هناك عيدٌ ولا مناسبة، حين يُختبر في لحظات التعب، والخذلان، والأوقات الرمادية التي لا تُلتقط لها الصور.
نحن نظلم الحب حين نحصره في يوم، كما نظلم القمر حين نراه فقط في اكتماله ونغفل عن سحره حين يكون هلالًا خجولًا. الحب ليس موجة عالية تُصفق لها الشواطئ، بل هو الماء الذي يسقي الشجرة بصمت حتى تزهر. إنه العناية التي لا تُطلب، والدفء الذي يُمنح بلا حساب، والوقت الذي يُسرق من ازدحام الحياة ليُهدى لمن نحب.
كم مرة توقفنا عند تفاصيل صغيرة لم يلتفت لها أحد، ووجدنا فيها من الحب ما لم نجده في أفخم الهدايا؟ رسالة صباحية عابرة، كوب شاي صُنع على عجل لكنه دافئ بنية صاحبه، نظرة مطمئنة في لحظة قلق، أو يد تمتد لتزيح عن كاهلك بعض التعب. هذه التفاصيل، التي قد لا تُباع في المتاجر، هي الحب في أصدق حالاته.
ربما علينا أن نُعيد تعريف عيد الحب، لا كمناسبة تُكرر كل عام، بل كفلسفة حياة، كحالة دائمة لا تخضع للتقويم. أن يكون الحب في كل ما نفعله، في الطريقة التي نتحدث بها، في اللطف الذي ننشره، في الاحترام الذي نقدمه، وفي المساحة التي نمنحها لمن حولنا ليكونوا أنفسهم بلا خوف.
في النهاية، الحب لا ينتظر فبراير كي يزهر، إنه حياة تُعاش كل يوم، بصدق، وبساطة، وبقلب يعرف أن أعظم الهدايا هي تلك التي لا تُشترى.
إرسال تعليق