بقلم ثائر بطاينة
كنا في باحة المدرسة، مستغرقين في التأمل والوقت يمر ببطء. فجأة، لفت انتباهي دخول مجموعة من السيارات إلى المدرسة. ظهر رجل بوجهه المشرق وابتسامته الودودة، يسلم على الطلاب ويربت على أكتافهم برفق. بدت فيه هيبة مريحة وكأنه يحمل معه أمرا جديدا مليئا بالأمل الجميل؛ كان الزائر مدير مركز التعايش الديني الأب نبيل حداد.
الذي جاء من دير ابي سعيد بعد احتفال بأسبوع الوئام العالمي ليتفقد كنيسة الطيبة ثم زار جارتها مدرسة الطيبة الأساسية. تجول الاب حداد في باحات المدرسة واطلع على الحديقة المدرسية. ثم جلس مع مديرة المدرسة والمساعدة، وتبادل معهما هو وصحبه الحديث حول منطقة الطيبة.
أثناء الجلسة، انزعج من رائحة مدافئ الكاز فقرر التبرع للكادر الإداري بمدافئ أكثر أمانًا، حرصًا على سلامتهم مؤكدًا ومجسّدا قيم الوئام والتعايش الديني،
طالعت التاريخ من هاتفي وتذكرت أننا في اسبوع الوئام العالمي بين الأديان الذي أقترحه جلالة الملك عبد الله الثاني في الأمم المتحدة، وتم تخصيص الأسبوع الاول من شهر شباط في كل عام للاحتفال بالوئام الذي يصادف الاسبوع الذي يلي تاريخ ميلاد جلالة الملك عبدالله ،
تذكرت صديقي باسل في جامعتي، ذلك الشاب كان نعم الصديق، سباقًا للخير. أفقده ويفقدني، ونجتمع ونتعلم معًا. باسل كان مسيحيًا ولم أميز ديانته؛ فنحن مواطنون لدينا نفس الحقوق والواجبات ونسعى لرفعة وطننا والدفاع عن مقدساتنا.
الوئام كلمة عميقة، وهي اسم علم أصله عربي مذكر ويؤنث، فهو مصدر الفعل وأَمَ، ويعني وافق والموائمة، والاتفاق، والانسجام، والمباهاة. هذه الكلمة تدل على الوعي الفكري والحضاري والرقي الإنساني.
لقد حرص جلالته على التوافق الإنساني بغض النظر عن الديانة، فنحن جميعنا من آدم عليه السلام خُلقنا لإعمار الأرض وتحقيق السلام والعدالة وتكافؤ الفرص لجميع الأطراف.
ولأن الإنسان بغريزته خلق للمشاركة والتعايش، والبحث والتنافس لتحقيق التقدم، أنشأ عن ذلك صراعات متجددة ومشاحنات واعتماد أساليب العنف التي لا تليق بالإنسانية. فكانت الحاجة ملحة لإيجاد الوئام من أجل ترسيخ قيم التسامح والتفاهم والاحترام المتبادل، والقضاء على التطرف والعنصرية والإرهاب، وإخماد الحروب، وإظهار الصورة الحقيقية للإسلام. علاقتنا بإخوتنا المسيحيين علاقة جذرية متأصلة وقد ظهرت من خلال التنقيبات الأثرية؛ فنحن نسب وأهل سواء، والأردن يعد نموذجا فريدًا في الانسجام والعيش المشترك بجميع الأديان.
فحضور الأب نبيل حداد كان تأكيدًا على روح الانسجام وتوافق القلوب والأرواح. نحن جميعًا نسعى لتحقيق السلام والعدالة وتكافؤ الفرص، كما أكد الإسلام، من أجل بناء وترسيخ الاستقرار الاجتماعي، وتعزيز شعور الانتماء والنهوض بحضارتنا، والعيش المشترك، وبناء جسور محبة وسلام.
شكراً لمرورك الكريم، آمل أن تجدد زيارتك لتحقيق النهضة وإعادة الأمل في مقدساتنا ومؤسساتنا.
إرسال تعليق