بأي حالٍ عدتَ يا رمضان؟

 



 د. عبدالله عنان 


تمرُ السنون تلو السنون ويأتي رمضانٌ ويرحل آخر ونحن لا نزال نمني النفس برمضانٍ أخر قادم علْنا نجدُ فيه روحانيتهُ ونتذوق حلاوته حيث لم يعدْ للأيام طعم ومذاق وللمناسبات حلاوتها، أيامٌ أو ربما ساعات تفصلنا عن هذا الشهر؛ الشهر الذي لطالما كنا ننتظره بشغف وتلهُّف، قد أقبل علينا أو قد يقبل علينا أخيراً، ولكن بأيةِ حالٍ سيطلُ بها علينا هذه المرّه؟!، هل سيكون كما عهدناه؟ أو ربما كما يخيلُ إلينا؟

لا أعتقد! لن يكون كما أعتدنا عليه بالفعل، ليس كما لو أن ضيفاً عزيزاً قد أقبلْ، كيف لا! وهناك من لا ينتظره!، كيف لا! والألاف لا يزالون متضطرين للتسول متخذين من الشوارع سكناً ومأوىً لهم، كيف لا! ومئات الأسرِ لا تزال تنتظر الجمعيات الخيرية لأن تجود عليهم، كيف سيكون رمضان في سوريا، في اليمن، في ليبيا، في العراق، وفي الكثير من الدول التي طالتها يد الخيانة والبغي والتي شاءت الأقدار أن يتحكم في مصيرها فاقدوا الإنسانية والضمير.

كيف سيكون رمضان في الكثير من الدول التي لم تكتمل بها فرحة استرداد الحقوق المسلوبة، فرحة الديموقراطية ودولة الحقوق، كثيرون هم من سيقضون رمضان هذا العام خارج أوطانهم، بعيداً عن الأرض التي كانت تأويهم، هناك في المخيمات وفي العراءْ، بعيداً عن فلذات أكبادهم وأعزاءهم والذين لا يحلوا رمضان إلا بهم، بعيداً عن مراسيم وأناشيد الاستقبال المعتادة عند قدوم هذا الشهر، بعيداً عن مظاهر الزخم التي اعتدنا عليها، بعيداً عن الأرض عن المسكن عن المأوى والتي لطالما لها نكهتها الخاصة لا سيّما في هذا الشهر، هم ذاتُهم من سيكتفون بالصمت حيال استقبالهم هذا الشهر حيث أنين أوجاعهم وموت مطالبهم المخنوقةَ في صدورهم وذلك على مرأى ومسمع من العالم أجمع، هم كذلك سيكونون بعيدين حتى عن ذواتِهم.


عد إلينا ضيفآ عزيزآ، ليس غريبآ يارمضان......

Post a Comment

أحدث أقدم