أين نحن على خريطة الإنسانية؟

 


 بقلم يوسف اليامي


في عالم تتسارع فيه الأحداث، وتتشابك المصالح، ويضيع فيه الإنسان بين الضوضاء والاضطراب، يتبادر إلى الذهن سؤال جوهري: أين نحن على خريطة الإنسانية؟ هل لا نزال متمسكين بالقيم التي جعلت الإنسان إنسانًا، أم أننا نعيش زمنًا تطغى فيه المصالح الفردية والأنانية على روح التعاطف والتكاتف؟


الإنسانية ليست مجرد كلمة تُستخدم في الخطابات الرنانة، بل هي سلوك وممارسة يومية. عندما نرى الحروب التي تشتعل هنا وهناك، والأزمات التي تعصف بالمجتمعات، والانقسامات العرقية والطائفية، يصبح من الصعب تحديد موقعنا الحقيقي على هذه الخريطة. هل نحن نتقدم نحو عالم أكثر إنصافًا ورحابة، أم أننا نعود إلى عصور الظلام حيث تحكم القوة وتُهمش القيم؟


في ظل التكنولوجيا المتسارعة، أصبح العالم قرية صغيرة، لكن هل قربتنا هذه القرية حقًا من بعضنا البعض؟ أم أنها زادت من الفجوة بين الأغنياء والفقراء، بين القوي والضعيف؟ يبدو أن الإنسانية اليوم تعيش حالة من التناقض؛ ففي الوقت الذي تتقدم فيه العلوم الطبية والتقنية لإنقاذ الأرواح، نجد أن نفس الحضارة تسمح بمآسي الجوع والتشريد وانتهاكات حقوق الإنسان.


لكن رغم كل ذلك، لا يزال هناك أمل. فبين طوفان الأخبار السلبية، هناك قصص عن أناس يبذلون حياتهم من أجل مساعدة الآخرين، هناك مبادرات صغيرة تضيء زوايا معتمة في هذا العالم، هناك أشخاص لا يزالون يؤمنون بأن الحب والتسامح أقوى من الكراهية والتفرقة.


إعادة تحديد موقعنا على خريطة الإنسانية ليس أمرًا معقدًا، لكنه يتطلب منا وقفة صادقة مع أنفسنا، ومراجعة مواقفنا اليومية. كيف نتعامل مع الآخر؟ كيف نساهم في بناء عالم أكثر رحمة؟ هل نمد أيدينا للمحتاج، أم نمر بجواره دون أن نراه؟


الإنسانية ليست مجرد شعار، بل التزام دائم. وكل واحد منا يحمل جزءًا من هذه الخريطة، ومسؤولية تحديد الاتجاه الذي سنسير نحوه.





Post a Comment

أحدث أقدم