بقلم يوسف اليامي
في عالم أصبح كالصحراء لا يعيش فيه إلا من لديه سبل النجاة لم يعد هناك متسع لمن ينتظر الفرص لتأتيه ولا لمن يتمنى أن تتغير الظروف لتناسبه بل البقاء لمن يصنع طريقه بيديه لمن يفهم أن العالم لم يعد يمنح الأمان كما كان وأن من لا يتعلم كيف يواجه العواصف ستحمله الرياح إلى حيث لا يريد الصحراء قاسية لكنها عادلة فهي لا تميز بين أحد لا تمنح الأفضلية إلا لمن يستحق لمن يملك القوة ليصمد والذكاء ليتكيف والعزيمة ليستمر الصحراء تعلمك أن الحياة ليست لمن يجلس تحت ظل شجرة وينتظر أن تأتيه الحياة بل لمن يسير في الشمس الحارقة ويبحث عن طريقه بنفسه لمن يحفر في الأرض بحثًا عن الماء حتى لو لم يكن متأكدًا من وجوده لمن يعرف أن كل خطوة يخطوها ربما تكون مؤلمة لكن التوقف يعني الهلاك
الصحراء لا ترحم من لا يعرف كيف يحمي نفسه من لهيبها لا مكان فيها لمن يخاف السير وحده لا مكان لمن ينتظر من ينقذه لأن العالم لم يعد يمنحك شيئًا لمجرد أنك تريده بل عليك أن تأخذه بنفسك لم يعد يهتم بمعاناتك أو ظروفك لم يعد يهتم بمدى تعبك أو خوفك لم يعد يلتفت لمن يقفون في أماكنهم ينتظرون أن تتغير حياتهم دون أن يتحركوا العالم اليوم لا ينتظر أحدًا لا يلتفت لمن يتردد ولا يرحم من يتراجع لأن الزمن يمضي سريعًا ومن لا يسابقه سيجد نفسه عالقًا في مكانه بينما الآخرون يمضون العالم اليوم لا يحترم إلا من يواجه من ينهض بعد السقوط من لا يتوقف عند أول عثرة من يفهم أن النجاة في هذا الزمن ليست حظًا بل اختيار
الصحراء تبتلع الضعفاء لكنها تمنح من يستحق فرصة لأن يبني نفسه من الصفر لأن يكتشف قوته التي لم يكن يعلم بوجودها لأن يفهم أن الحياة ليست سهلة ولن تكون لكنها تستحق المحاولة العالم اليوم لا يمنحك طوق نجاة لكنه يعلمك كيف تسبح وحدك لا يمنحك الطرق المعبدة لكنه يجبرك على أن تصنع طريقك بنفسك لا يمنحك الفرص على طبق من ذهب لكنه يجعلك تدرك أن الفرصة ليست شيئًا يُنتظر بل شيئًا يُنتزع الصحراء لا تهتم بكم مرة تعثرت بل بكم مرة استطعت أن تنهض العالم اليوم لا يكافئ من يشكو ويتذمر بل من يقاتل دون أن يشتكي لأن الذين يتوقفون في منتصف الطريق لن يصلوا أبدًا والذين ينتظرون أن يتغير العالم لأجلهم سيكتشفون في النهاية أن العالم لا ينتظر أحدًا ولا يغير قوانينه من أجل أحد
النجاة اليوم ليست لمن يملك القوة فقط بل لمن يعرف كيف يستخدمها ليست لمن لا يشعر بالخوف بل لمن لا يسمح للخوف بأن يمنعه من التقدم ليست لمن لديه كل شيء منذ البداية بل لمن يعرف كيف يصنع شيئًا من لا شيء لأن الذين يولدون في الراحة قد لا يدركون قيمتها لكن الذين يعرفون معنى الجفاف يعرفون كيف يبحثون عن الماء يعرفون كيف يحولون الحرمان إلى دافع والفقد إلى نقطة بداية يعرفون أن العالم لا يهمه كم مرة سقطت بل يهمه فقط هل استطعت أن تقف مجددًا الصحراء قد تبدو مكانًا للموت لكنها أيضًا مكان للميلاد مكان يعيد تشكيلك من جديد يعيد بناءك بطريقة لم تتخيلها لأنك حين تتعلم كيف تنجو فيها ستصبح أقوى مما كنت عليه ستفهم أن الحياة ليست سهلة لكنها ليست مستحيلة ستفهم أن من يعرف كيف يعيش في الصحراء يستطيع العيش في أي مكان
إرسال تعليق