بقلم /رأفت المـليـكـي
سمعت عبارة تقول: “لا توقف قطار حياتك من أجل راكب متردد”. وقفت عندها طويلًا، كأنها قُدّت من حكاياتي المؤجلة وأبوابي التي لم تفتح يومًا على مصاريعها. كم مرة أبطأت خطوي على أمل أن يُمسك أحدهم بيدي، لكنه تراجع عند أول مفترق، وكم مرة أطفأت أضواء طريقي كي لا يبهت وهج الآخرين، حتى وجدت نفسي أسير في عتمة لا تخصني.
كون مثل الرياح التي لا تتوقف، امضي حتى ولو للمجهول، لا تربط مصيرك بأحد، ولا تنتظر أحدًا، ولا تربط جمال يومك بأحد،ولا ترفع سقف توقعاتك بأحد، مهما بدا لك مثاليًا. كن حرًا من إعطاء الوعود. كن سيد مزاجك، لا تدع أحدًا ينتزع منك شغفك، اذهب حيث تشاء، وافعل ما تحب، ورافق من تحب، حتى لو كان قهوة أو كتاب.
كلاما حاولت السعي كلاما اصبح حلامك بنتظارك، اياك ثم اياك أن توقف قطار رحلاتك لاحد الركب، فعلم علم اليقين بان هدفك قد رحل قبل وصولك، لا تكون النية هي فقط نقطة الانطلاق للطريق الذي تريد أن تسلكه، يجب أن تتحمل مسؤولية السعي لتحقيق ما ترغب فيه.
لا تتوقف عن محاولة الحصول على شيء انت تريده فعلاً، الصبر صعب ولڪن الاستسلام اصعب ولم يكن الطريق سهلًا لكن إختار أن تمشي بصلابة وثقة كون وامن أن الصعاب ليست سوى إمتحان لقدرتك على النهوض وفي كل عثرة بتكتشف جانبًا خفيًا من قوتك.
ومع كل ألم بيولد داخلك حكمة جديدة وتخلي عن فكرك المقارنة وإختار أن تكون نسخة نقية من نفسك لا تسع لإرضاء الآخرين بل لإرضاء ذاتك، فصنع من ضعفك قوة ومن تجربتك حياة تليق بك.
من لا يجمع شتاتك، لا تدعه يشتتك، من لا يدفئ قلبك لا تدعه يشعرك بصقيع الوحدة، من لا يملأ روحك أماناً ومحبةً ، لا تدعهُ يشعرك بالحزن أو بالخوف،ببساطة ما لا يساندك لا تدعهُ يهدمك.لا تنظر إلى الكوب الفارغ، ولكن ابدأ البحث عن إسلوب جديد يغير من نظرتك للحياة.
إن سر الوجود ليس في أن تعيش فقط، بل أن تجد شيئًا تعيش من أجله. نحن البشر نبحث عن الحب، عن العدل، عن المعنى وسط الفوضى، لكن كم منا يمتلك الشجاعة ليحمل هذا البحث حتى النهاية، إن أكبر مأساة ليست في أن تفقد من تحب، بل في أن تفقد نفسك وأنت تبحث عنهم. أن تمضي في الحياة وأنت تحمل جرحًا لا يلتئم، أن تتحدث مع الناس وأنت تشعر بأنك وحيد، أن تبتسم وفي داخلك حرب لا تهدأ.
لا احد يسأل عن إنجازتك لكن يسأل عن انجازاتهم، لا أحد سيهتم إن نجحت غدًا، كم عدد الإخفاقات في أمسك، الكل سيراك منتصراً غالباً، لا أحد يراك وأنت تحارب خيباتك، مشهراً سيف جهادك، متوكلاً متوجساً أو متربصاً خائف، كم عانيت وكم كابدت، وكم استغرقك الوصول، وكم مشيت وكم ترددت خطواتك.
الكل سيهتم بالفصل الأخير من القصة و ساعات التتويج الأخيرة، تاركين المُقدّمة لتعيشها وحدك، في الانتهاء الكل يجيد الاحتفاء، لكن لا أحد سيحتفي بك في ثقيل الابتداء.بل حتى انت ستنسى الأيام التي شقيت فيها، ستنسى كم عانيت للوصول، وستنسى الفصول، لأن الختام أسعدك.
صدقني بعد زمن ستنسى و ستشفى من كل ما أتعبك وستدرك أن كل خطوة خطيتها في حياتك كانت لها مكان كبيرة.
.
إرسال تعليق