بقلم الكاتبة الصحفية/ سهام فودة
السعادة ليست لغزًا مستعصيًا، لكنها في الوقت ذاته ليست وصفة جاهزة نأخذها فنصبح سعداء على الفور. كثيرون يبحثون عنها وكأنها كنز مدفون في مكان مجهول، مع أنها قد تكون أقرب إليهم مما يظنون، في نظرة محبة، في لحظة امتنان، في ضحكة غير متوقعة، أو حتى في بساطة الأشياء التي نعيشها كل يوم دون أن ننتبه.
هناك من يظن أن السعادة ضربة حظ، تأتي لمن وُلدوا في ظروف مثالية، ومن يملكون كل ما يريدون، لكنها في الحقيقة لا تتعلق بما نملك، بل بكيفية رؤيتنا لما نملك. ربما يمر شخصان بنفس التجربة تمامًا، أحدهما يراها محنة، والآخر يجد فيها فرصة للتعلم والنمو، وهنا يتجلى الفرق: السعادة ليست ما يحدث لنا، بل كيف نفسره ونتعامل معه.
أن تصنع السعادة لنفسك يعني أن تزرع الرضا في قلبك، أن ترى الجمال في الأشياء الصغيرة، أن تتوقف عن مطاردة المستقبل وكأنك تنتظر لحظة محددة تبدأ فيها الحياة. هناك من يعيش على أمل أن تتحسن الظروف، أن يأتي اليوم الذي يحقق فيه كل ما يتمنى ليكون سعيدًا، لكنه يفاجأ بأن السعادة لم تكن في الوصول، بل في الطريق ذاته.
الحياة بطبيعتها ليست كاملة، ستظل هناك تحديات، وستظل هناك أشياء تنقصنا، لكن من قال إن السعادة تعني الكمال؟ السعادة ليست غياب المشكلات، بل القدرة على مواجهتها دون أن نفقد روحنا. قد تأتي في كوب قهوة نتذوقه بهدوء، في محادثة مع صديق قديم، في شعور الإنجاز بعد يوم طويل، أو في لحظة سكينة مع النفس بعيدًا عن ضجيج العالم.
ليس علينا أن ننتظر أحدًا ليمنحنا السعادة، فهي تبدأ من الداخل، عندما نتعلم أن نكون مكتفين بذاتنا، قادرين على إيجاد البهجة حتى في أبسط التفاصيل. السعادة قرار، رؤية، اختيار يومي نمارسه، لا هدية تنتظر أن تهبط علينا من السماء. فهل نبدأ اليوم في صنعها بأنفسنا؟
إرسال تعليق