بقلم المهندسة شهد القاضي
تُركتِ وحيدة يا صغيرة، بين ركام آلامٍ لا تكتمل، في زاوية هذا العالم الذي خانكِ في لحظةٍ عجز فيها عن أن يسمع صرخاتكِ.. غزة، يا قلبًا نابضًا في ظل الظلم، يا من شوارعكِ سَقتكِ الوعود الكاذبة، وظلت أزقتها تحتفظ بأصوات الأطفال الذين كانوا يتشبثون بالأمل، لكنهم ما عادوا يجرؤون على الحلم في هذا المكان الذي لم يعد يُحسن إليكِ.
تُركتِ وحيدة يا صغيرة، وأنتِ تظلين في زحام هذا العالم الذي يرفع راياته فارغةً من الإنسانية.. هكذا تمضي الأيام، وتكادين تُغمرين في سيلٍ من الدماء التي سكبت على مسمعٍ لا يريد أن يسمع، وقلوبٍ أغلفها الحقد حتى غدوتِ ذكرياتٍ تَسَاقَطت في صفحات التاريخ الذي ينسى المدى.. أنتِ يا غزة، تُركتِ، ولكنكِ لا تنحنين، رغم أن الجراح تتسرب إلى قلبكِ أكثر من مرة، وعينيكِ تذرفان الدموع خلف أبوابٍ مغلقة، وأنتِ تضحكين في وجه الغد المجهول.
لكن، يا غزة، يا الصغيرة في الحروب والكبيرة في الصمود، لن تتركي قلبكِ يهتز.. ربما كانت الوحدة خادعة، لكنكِ، مثل الزهور التي تخرج من بين الشقوق، تُعيدين رسم الحياة على جدرانٍ من عظام وأحلام. وما ظنّه العالم ضعفًا فيكِ هو في الحقيقة قوة لا تنكسر.. في صمتكِ هناك ثورة، وفي جراحكِ أملٌ جديد ينبض بعزيمة لا تتوقف.
لن يتخلى عنكِ الزمن، ولن يخذلكِ الصمت.. غزة، يا من أنتِ اليوم الجرح المفتوح في صدر العالم، ستبقين كما أنتِ، شعاعًا لا يموت، وحلمًا يستمر رغم كل الآلام.. تُركتِ وحيدة، لكنكِ لم ولن تكوني كذلك أبدًا، فالعالم قد ينسى، ولكن الأرض لن تنساكِ، وقلوبٌ كثيرة تظل تحملكِ في صمتٍ محارب.
أنتِ غزة، نبع العزّة، وقصيدة مقاومة في زمنٍ يمحى فيه الحرف.
إرسال تعليق