عمان – عمر أبو الهيجاء
احتفى "بيت الشعر" بمدينة المفرق، "احتفاليته بيوم الشعر العالمي" الذي في 21 أذار من كل عام، وهذا ما دأب البيت منذ تأسيسه بالاحتفاء بالشعر والشعراء في يومهم هذا، وحضر حفل الافتتاح مدير بيت الشعر الأستاذ فيصل السرحان ومساعد مدير المكتبة الوطنية أحمد الخلايلة، وحشد كبير من الشعراء والمثقفين والإعلاميين والمهتمين، وأدار حفل الافتتاح والأمسية الشعرية الأولى الدكتور سالم الدهام مدير الدراسات والنشر في وزارة الثقافة.
واستهل الاحتفالية السرحان مدير البيت بكلمة بالقول: وأنتم تسيرون معنا لحظةً بلحظة، لتشهدوا وتباركوا عطاء بيت الشعر- المفرق، واستمراره طوال عشر سنوات من تأسيسه، وقد سعى هذا البيت ليكون منبرًا للإبداع الأردنيّ والعربيّ، كما أراد له صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي وجّه مشكورًا بتأسيس هذا البيت عام 2015، وكذلك تأسيس عدد من بيوت الشعر في الوطن العربيّ؛ فكانت النتائج والحمد لله رائعة وتصبُّ في أهميّة هذه المبادرة الكريمة، التي أثمرت عن أجيال من شعرائنا الشباب الذين أخذوا عن الشعراء الرواد الكثير من الإبداع، وكان لهم صوتهم الخاص الذي جاء نتيجة الجدّ والاجتهاد والاطلاع والثقافة، وهو الهدف والرسالة والنهج الذي يسير عليه بيت الشعر- المفرق، على الدوام.
وأضاف قائلا: في اليوم العالمي للشعر، ارتأينا أن نجتمع في رحاب دائرة المكتبة الوطنية، هذا الصرح الثقافي الأردني المميز، وأن نجدد احترامنا للقصيدة العربية وهي تصوغ الوجدان، وتعبّر عن مكنون النَّفْس، وتتألق في سماء الإبداع، معتبرا أن القصيدة العربيّة لن تندثر، وسيظلّ الشعر ديوان العرب، وستبقى الكلمة هي الأساس في رفعة الأمم وحضارة الشعوب؛ فكيف بأمّتنا العربيّة الضاربة جذورها في الإنجاز والريادة في شتّى ميادين الحضارة والإبداع؟! موجها شكره لفرسان هذه الاحتفاليّة التي تستمرّ إن شاء الله ثلاثة أيّام، نستمع فيها إلى أصوات إبداعيّة متنوعة، والشكر موصول لدائرة المكتبة الوطنية ممثلة بمديرها العام الأستاذ الدكتور نضال الأحمد لعياصرة، على احتضان هذه الاحتفاليّة، والشكر كذلك لشركائنا في رسالة بيت الشعر- المفرق من الأخوة الإعلاميين والصحفيين.. عاش الشعر والأدب والفكر في الثقافة في أردننا الحبيب في ظلّ سيدي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه.
إلى بدأت فعاليات الأمسية الشعرية الأولى، القراءة الأولى كانت للشاعر د. راشد عيسى،حيث قرأ مجموعة من قصائده، ومختار من قصيدته المعنونة "تسع محاولات فاشلة لتعريف الشعر" قصيدة تستقرئ خيالات الشاعر وتقف على أسئلة معنى الشعر وانعكاس ذلك حال الشاعر، التي يقول فيها:
"وَعَلَيْكَ يا شِعْرُ التّحايا والسَّلامْ/يا دانَةً دانَتْ لسُلْطَتِها/اللآلئُ بَيْنَ أصدافِ الكلامْ/يا مَنْ لِسِحْرِكَ يَرْفَعُ التاريخُ أوْسِمَةَ/احْترامْ./أُهْدي إليْكَ توَلُّهي/وَتَدَلُّهي/وجَوانحي/وجَوارحي/بِاسْمِ المَحبّةِ والمَواجِدِ وابْتهالاتِ/اليَمامْ/أرْجوكَ سَلِّمْ لي عليْكْ/وَلْتَطْمَئِنّْ/إنّي بخيْرٍ يا صديقَ العُمْرِ/ فانْظُرْ كيفَ/أسْتَشْفي بموسيقى الحُروفِ وأسْتَكِنّْ/فأنا كفيلٌ بالحياةِ وقَصْدِها/إنْ يَبْتَسِمْ قلْبُ الوجودِ/وإنْ يَئِنّْ".
ومن جهتها قرأ الشاعرة مريم الصيفي قصائد استحضرت فيها الوجع الفلسطيني، ومما قرأت نقتطف هدا المقطع من قصيدتها المسماة "همسات حرف" تعاين فيها جراحات الروح وعذابها، حين ينزف حرفها ألما ودما، تقول فيها:
تبكي عليها ودمع العين لا يكفي
فلتسهمي يا دموع القلب بالنزف
يلفها الحزن في أسمال جبته
فكم تهاوت شموع الروح من الضعف
شبّو عن الطوق من في العين مسكنهم
لا بعدهم سرها أو قربهم يشفي
فلب الشظايا يدميها تناهرها
تبعثرت مثل أوراق مع الصيف
لا الريح تجمع ما تقصيه عاصفة
والأسى يلأم الريح الذي تخفي".
أما الشاعر لؤي أحمد قرأ غير قصيدة بعنوان"أفلتُّ من جسدي" قصيدة تعاين شؤون الذات وحالات الشاعر في معترك الحياة، يقول فيها:
أفلَتُّ من جَسَدي وكنتُ الـمُبتَلى/وخَـــرجــتُ مـــنِّـــي آخـــراً مُــتــــبــــتِّــلا/وأدرتُ ظَـــهــري للحــياةِ وحــربـِــهَــــا/فأَصَـبتُ مِن وَثـــنِ التــــعلُّقِ مَـقـتَلا/ما كُـنتَ يا جَـسدَ الحرائـــقِ آكلــي/حـتَّــى تكونَ بـمَنْ أَكـــلتَ مُوكَّلا/هــذي الــنــدوب الغــائـــرات طَـــريَّـــةٌ/قــــدْ زادَها الإيـــغَــــالُ فــيَّ تَــغـــوُّلا/أنَــا طـاعِنٌ فـي الرَّمزِ وجهةُ شَـــاعــرٍ/عَرفَ الـحقيقةَ في المجازِ فأوغَلا/مِن ظـاهـرِ الـمعنـى هـربتُ لـبــاطــنٍ/إنْ أشـــكلَ الـمـعنــــى عليهِ تــــأولا".
الشاعرة وردة سعيد استهلت قراءتها بقصيد وجدانية وإنسانية استحضرت فيها جراحات غزة، نختار منها هذه الأبيات حيث تقول"
"أنقّل العجز من حرف إلى حرفِ/مثل المقيد يمشي خاشع الطرفِ/أسهّد العين في الأخبار باكية/أبرا إلى الله من حولي ومن ضعفي/ألوذ بالوهم للأخبار ثانية/يردّني الواقع المكذوب بالوكف/أبكي علينا وأدعو الله مغفرة/فينا من الحزن والخذلان ما يكفي/ما أوجع الشعر حيث السيف/إذ ليس في الشعر ما يغني عن السيفِ/هنا بغزة أمطار سقت سُحبا/في (خان يونسَ) لا تسأل عن الكيفِ/أو في (جباليا) فلا تعجب إذا نهضت/تفوح بالعز بعد النار والقصفِ/ تطبّب الكون من "معلشّ" إن بها/من اليقين الذي لو مسها يشفي".
إرسال تعليق