بقلم راوية المصري
تَسَربَلت بعباءة الصمت وانا اغامِس تلك الذكريات العابقة في مرايا روحي المتكسرة، اناجي أطياف الماضي وأمسك بين أناملي دفقات شعور متناثرة، كقطرات ندى على ورقة وجنتي الملتهبة.
أرخيت سدائلي على شرفة الزمن المُطِلّة على شواطئ الحنين، وقلت بصوتٍ تخالطه بَحَّةُ الانكسار: "أيتها السماء، يا مَن تحملينَ في جوفك صدى الأرواح الهائمة، هل تُصغين إلى نبضات قلبي المُتعَثِّرة؟"
هكذا هَمْهَمَتْ لنفسي وانا اتأمل انعكاس صورتي على سطح بُحَيْرة الذكريات، آخِذةً نَفَساً عَمِيقاً كمن يستجمع شظاياه المبعثرة. "حين هَدَلَت حَمَامَاتُ القلب على أغصان الشوق، لم أكن أدرك أن نشوة اللحظة ستنقلب إلى غُصَّةٍ تتجرعها الروح قطرةً قطرة في محارب الخذلان. أنا التي كنت أسكب قلبي كالعنبر في مِبْخَرَة الاشتياق!"
اِسْتَلْقيت على أريكتي اداعب خُصَلاتِ شعري المُنْسَدِلة، مُسْتَحْضِرَةً طيفَ مَن كان يوماً مَلاذَ قلبي، وتنهدت تنهيدةً طويلة خرجت من أعماق صدري كزفرة بركان خامد: ..
عجباً لهذا القلب الذي كلما أوشك على النسيان، اوقظته نسائم الذكرى فيستفيق عاشقاً مُتَيَّماً! أمضيتُ سنيني أتفيأ ظلال وهمٍ ، حتى إذا استيقظتُ من غفوتي، وجدتُ أن الوهم كان أجمل من الحقيقة نفسها.
لكنني اليوم أدركت أن ترميم جدران الروح لا يتطلب سوى التصالح مع كسورها، وأن الحب الحقيقي لا يكون إلا حين نحب أنفسنا أولاً بكل عَثَرَاتِها وانتصاراتها...
إرسال تعليق