اكتبلك تعهّد... حين تُصبح المرأة ضحية الحب الذي يُشبه القيد

 


بقلم: د. مجدولين منصور 


هل يمكن للحب أن يتحوّل إلى قيد؟

هل تصبح "أنا أحبك" بدايةً لانمحاء الذات بدل اكتمالها؟

في أغنيتها العاطفية "اكتبلك تعهد"، تقدم الفنانة أنغام رسالة لا تشبه رسائل العشاق، بل تُشبه الوصايا الأخيرة التي تكتبها امرأة قبل أن تتخلى عن نفسها... باسم الحب.


 من الحب ما يقتل... الصوت الأنثوي في زمن السيطرة

تقول أنغام بصوتها الحزين المتهدّج:


"اكتبلك تعهد إني أبعد وأسيبك، لو ده يريح قلبك ويخليك سعيد..."


كلمات لا تقولها امرأة ضعيفة، بل امرأة تعبت.

امرأة جربت كل الطرق، وقدّمت كل التنازلات، حتى لم يبقَ منها شيء سوى أن "تتعهد" بالانسحاب... كي يرتاح رجل لا يحتمل وجودها الكامل.


هذا ليس حبًا، بل معادلة ظالمة تعيشها الكثير من النساء في المجتمعات الشرقية، حيث الرجل يخلط بين الحب والامتلاك، والمرأة تُطالب بأن تكون تابعًا لا شريكًا.


كما كتب الشاعر نزار قباني ذات مرة:


"الحب في العالم العربي سجين، ونحن السجانون."


 القيود الحريرية: حين تُقمع الأنوثة باسم الفضيلة

في مقالة أدبية بعنوان "القيود الحريرية"، نقرأ هذا الوصف القاسي لواقع المرأة:


"كل ما أرادته أن تُحب كما هي: بضحكتها العالية، وبأحلامها التي لا تُطوى في أدراج أحد... لكنه يريدها ظلًا لا يُرى، صدى لا يُسمع."


وكأن الحضور الأنثوي يُعتبر خطرًا، والفرح الأنثوي خطيئة.

فالرجل الشرقي – في كثير من الصور التي ترسخها التربية والبيئة – لا يتقبّل امرأة تعرف من تكون، بل امرأة يعرف هو كيف يُشكلها.


ما بين الحب والحرية... تختنق الأنثى

أنغام لا تغني فقط في "اكتبلك تعهد"، بل تمثل نموذجًا لكل امرأة قالت:


"أنا مش عايزة أعيش كده... ولا عايزة أموت كده..."


صرخة حقيقية ترددها نساء كثيرات: بين حياة تُشبه الموت، وموتٍ بلا حرية.

صرخة نسمع صداها في كلمات الكاتبة أحلام مستغانمي:


"ما حاجتها للرجل إن لم يكن أمانًا؟ وإن لم يكن وطنًا، فلن يكون إلا غربةً أخرى."


وحين يتحوّل الحب إلى غربة، تغدو كل علاقة فخًا، وكل كلمة "أحبك" سلاحًا.


 الحب ليس تعهدًا بالغياب

نهاية الأغنية تشبه نهاية قصص كثيرة تُروى ولا تُكتب:

امرأة تنسحب، لا لأنها لم تحب، بل لأنها أُجبرت أن تختار بين أن تكون مع الرجل أو أن تبقى مع نفسها.


الكاتبة الكبيرة رضوى عاشور قالت:


"الحرية ألا تحتاج إلى شهادة من أحد."


لكن الحب في مجتمعاتنا لا يمنح هذه الحرية، بل يُطالب المرأة أن تثبت كل يوم أنها "صالحة"، "مطيعة"، "آمنة"... وكأن الحب شهادة حسن سلوك.


 الختام: دعوة لإعادة تعريف الحب

"اكتبلك تعهد" ليست مجرد أغنية، بل مرآة لواقعٍ أنثوي مأزوم.

هي شهادة صامتة على حُبٍّ يُخنق فيه الجمال، وتُدفن فيه الرغبة في الحياة.

هي دعوة مفتوحة لإعادة النظر: هل نحبُّ حقًا؟ أم نُسيطر باسم الحب؟


فالحب الحقيقي لا يطلب تعهدًا... بل يزرع أجنحة.

1 تعليقات

  1. سلمتِ، أظن أن وعي المرأة هو الذي يجعلها تتخذ قرار الابتعاد أما التي تتبع مجتمع وآراء ليست لها علاقة بها سوى أنها أصبحت موروث ضعيفة الشخصية تعيش حياة مثل الموت باسم ما يدعى بالحب .....إن لم تكن وطنا فأنت لست إلا غربة أخرى

    ردحذف

إرسال تعليق

أحدث أقدم